سنواتُ من التآمر على المقاومة، كانت فيها السعودية بشكلٍ خفي، الداعم الأبرز لكيان الإحتلال، بيد أن انتصارات المقاومة المتلاحقة، دفعت الرياض إلى المجاهرة بهذا الدعم.
تقرير عباس الزين
“السعودية قتلتنا في حرب 2006، وأول من سيُسأل يوم القيامة عن دمنا في تموز هم آل سعود، كانت دوماً تختبئ، أما الآن وبعد افتضاح أمرها وإفلاسها فباتت تجاهر بكل ذلك”. بكلامه هذا، في عام 2015، كشف الأمين العام لـ”حزب الله اللبناني” السيد حسن نصرالله عن الاستراتيجية المقبلة التي ستتبعها السعودية في مؤامراتها على المقاومة، بتحولها من عدوِّ خفي إلى عدوٍّ شاهرًا عداوته، مع التشديد، على أن تآمر السعودية على شعوب المنطقة، وتورط نظامها في دمائهم، إلى ما هنالك من تحالفات واتصالات مع الاحتلال الإسرائيلي ضد المقاومة ليست بالأمر الجديد، ولم تكن قمة الرياض الأخيرة نقطة انطلاقه.
بدء الدور السعودي الداعم لكيان الإحتلال في عدوانه على لبنان في عام 2006 مع وصف السعودية للمقاومة بأنها تقوم بـ”مغامرةٍ غير محسوبة”، وذلك ما أشار حينها إلى أن الرياض أعطت الضوء الأخضر للاحتلال في إنهاء المقاومة عبر تقديم الذريعة لذلك، وتبعه على مدى السنوات اللاحقة وصولاً إلى الحرب على سوريا.
فشل الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب فشل المجموعات المسلحة المدعومة سعودياً، في إنهاء المقاومة دفع الرياض إلى تجهيز الأرضية اللازمة للانتقال إلى مرحلة التحالف العلني مع كيان الإحتلال، عبر إرسال وفود عدة إلى فلسطين المحتلة للقاء بمسؤولين إسرائيليين، كانت أبرزها زيارة الجنرال المتقاعد في المخابرات السعودية أنور عشقي، المعروف بنشاطه في تظهير مسار التقارب السعودي الإسرائيلي، ووزير الاستخبارات الأسبق تركي الفيصل.
جاء اللقاء هذه المرة في فلسطين المحتلة بعد أكثر من لقاء خارجها، ليحمل في طيّاته أكثر من رسالة سياسية وعسكرية، من بينها أنّ الرياض باتت أكثر نضجاً للانتقال إلى مرحلة العلاقات العلنية، ومستعدةٌ للقيام بقفزة نوعية إلى مرتبة التحالف في ضوء المتغيرات الإقليمية.
وأوضحت قمة الرياض التي أفضت عن “جزية القرن” الدعم المالي السعودي لكيان الاحتلال عبر واشنطن، فترامب الذي انتزع مئات مليارات الدولارات من السعودية توجَّه مباشرة إلى كيان الاحتلال ليعلن عن الدعم الأميركي اللامحدود على المستوى المالي والاقتصادي والعسكري والسياسي، مصحوباً برسائل حملها من السعودية تؤكد على رغبة الأخيرة في التطبيع العلني.
تأتي تلك الرسائل في وقتٍ أُعلِن فيه عن تشكيل قوة من 34 ألف جندي لمحاربة “الإرهاب”، وقيام تحالف “الشرق الأوسط الاستراتيجي” رسمياً في عام 2018، بحسب ما جاء في بيان قمة الرياض. لتكون الاستعدادت العسكرية الحالية على الحدود الأردنية السورية نواةً لهذا التحالف، ومنطلقاً للحرب على “الإرهاب” بالمفهوم السعودي، الذي لا هدف له إلا المقاومة.