سلوك الثنائي السعودي ــ الإماراتي لا ينطوي على جديد، بقدر ما يحمل مستوى الإدقاع في المقاربة والفجور في الخصومة برعاية أميركية.
تقرير: بتول عبدون
يعمل الإعلام السعودي والإماراتي على تغذية شيطنة قطر بما زوّده به فريق المستشارين لثنائي محمد بن زايد، ومحمد بن سلمان، من أسرار وخبايا.
بقي شيوخ الدوحة تحت وطأة المباغتة الإعلامية السعودية ــ الإماراتية، اعتقاداً منهم بأنها "زوبعة" عابرة، واكتفوا بنفي التصريحات المنسوبة للشيخ تميم، ولكن بعد ساعات بدا أن ثمة "مكيدة" تحضر قبل قمة الرياض بشهور.
تحدّث وزير الخارجية القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني، عن 13 مقالة نشرت في الصحف الأميركية ضد قطر.
لكن أبعاد الحملة تتجاوز الصحافة، وهذا ما كشفت عنه تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي يوسف العتيبة، في واشنطن.
وبحسب مقال للباحث السياسي فؤاد ابراهيم، نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية، بعنوان حرب الشياطين في الخليج، فقد تدخّلت المهارة التقنية في الحملة، وعملت القرصنة والقرصنة المضادة على تهيئة مسرح مفاضحة غير مسبوقة، وبات بالإمكان الاطلاع على دسائس السفراء الخليجيين في واشنطن، والسقوط المريع لمؤسسات مرموقة تتلطى وراء عناوين محتشمة على غرار "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات"، المموّلة من الملياردير الإسرائيلي وحليف نتنياهو شيلدون أديلسون.
فالتصريحات التي فجّرت حرب الشياطين في الخليج، انفصلت عن سياق المعركة، وفقدت وظيفتها لحظة اشتعال الحرب.
أما "قمة الرياض" فكانت فارقة بالمعنى الدقيق للكلمة، وهي تصلح لإرساء ثنائية "ما قبل" و"ما بعد".
فمن منظور سعودي، فإن زيارة ترامب كانت بمثابة تفويض ضمني للمملكة بإدارة السياسة الإقليمية، وفي ظلّ التطابق شبه التام بين السعودية و"إسرائيل" في مقاربة الأخطار المشتركة، ينبعث نموذج "الدولة الوظيفية" الذي كان على وشك التفسّخ في أواخر عهد أوباما.
وفي الموقف المؤجّل لترامب حول حرب الشياطين في الخليج ما ينبئ عن مستور يترجم بنقيضه. ولكن تغريدات له قبل أيام حسمت الأمر باتهام قطر بدعم الإرهاب.
بيد أن هناك جدل متصاعد وجاد حول ضلوع السعودية على مستوى التمويل والتحريض الأيديولوجي في دوامة الإرهاب التي تضرب أوروبا.
اذا هي ليست حرباً بين الملائكة والشياطين، ولا بين الفضيلة والرذيلة، بل حرب من أجل الوصاية والتتويج برعاية أميركية.
ففي النزاع القطري السعودي، يبدو واضحاً أن قطع العلاقات والحصار المضروب هو لغاية تفاوضية من أجل إرغام قطر على الإذعان لشروط الرياض، وسوف تبقى التدابير هذه حتى تحقيق الغاية.