تداعيات سياسية وعسكرية عدة لزيارة السيد مقتدى الصدر الأولى منذ 11 عشر عاماً، هل هي تتويج لمرحلة سابقة أم أنها نقطة بداية لمرحلة مقبلة في الحياة السياسية لتيار الصدر؟
تقرير عباس الزين
في مايو/أيّار 2016، هتف مناصرو “التيّار الصدري” في العاصمة العراقية بغداد ضد إيران، في إطار حراك مطلبي داع لما عبّروا عنه بـ”إصلاح العملية السياسية… وولادة عراق جديد”.
لم يتبنَّ التيّار رسمياً هتافات أنصاره، لكن بعدها بأشهر، تحديداً في فبراير/شباط 2017، خرج زعيم التيّار السيد مقتدى الصدر بـ”مسودة مشروع ما بعد تحرير الموصل”، وتهدف إلى “إعادة ضبط قواعد اللعبة السياسية لمرحلة ما بعد “داعش”.
مشتركاتٌ عدة تلقفتها السعودية مع المسار السياسي للصدر خلال السنوات الأخيرة. جاءت المسودة بعد أشهر من زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى بغداد في عام 2016، والتي تزامنت مع بدء العملية العسكرية ضد “داعش”، وشكلت مرحلة جديدة وشكلاً جديد من الحرب السعودية غير المعلنة على العراق. بقيت الأهداف، على الرغم من انخفاض سقفها، ذاتها مع تغير الأسلوب المتبع، لا سيما في ما يخص “الحشد الشعبي” ووجوده السياسي والعسكري داخل العراق بعد “داعش”.
التقت المسودة التي طرحها الصدر حينها في بعض جوانبها مع التوجهات السعودية، من ناحية مطالب الصدر بصياغة الدور المنوط بقوات “الحشد الشعبي” عند الحدود العراقية السورية، وحصر تأمينها بواسطة الجيش وقوات حرس الحدود، ورفضه التام لأي تدخلٍ لـ”الحشد” في العملية السياسية العراقية، على الرغم من وجود “سرايا السلام” التابعة لتياره ضمن قوات “الحشد”.
تدخل الدعوة التي زار على إثرها الصدر السعودية مؤخراً في إطار مساعي الأخيرة للعودة إلى المشهد العراقي من البوابة السياسية، بعد هزيمة مشروعها المتمثل بـ”داعش”.
وذكر البيان المقتضب الذي صدر عن مكتب الصدر أن الهدف من الزيارة “إنهاء فكر الحدّة الطائفية في المنطقة العربية الإسلامية”، لكن توقيت الزيارة يطرح تساؤلاتٍ عدة لتزامنها مع هجمة القوات السعودية على مدينة العوامية تحت شعاراتٍ مذهبية، واستمرار المسؤولين السعوديين بمهاجمة قوات “الحشد” التي كان لها دور بارز في هزيمة “داعش”.
الخطوة التي أقدم عليها الصدر لها دلالاتها من الناحية السياسية في الداخل العراقي. السفير السعودي، ثامر السبهان، كان طُرد من بغداد على خلفية تدخّل الرياض في الشؤون الداخلية العراقية، وتأجيج الحرب الطائفية بين العراقيين. تريد السعودية الآن غطاءً سياسياً عراقياً لتدخلها، فهل تكون زيارة الصدر تتويجاً لعلاقاتٍ سابقة بينه وبين الرياض، أم أنها تفتح الباب لمرحلة جديدة من العلاقة سيكون “التيار الصدري” فيها جسراً، لعودة “داعش” سياسي يمحو الإنجازات الأخيرة؟