عقدت روسيا أول اتفاقٍ لتوريد صواريخ “إس 400″ الدفاعية مع ثاني أكبر جيش بـ”الناتو”.
تقرير عباس الزين
لم يؤتِ التلويح بالمد الكردي بوجه تركيا، ثماره. ردت أنقرة على الابتزاز الأميركي بصفعةٍ عسكرية دفاعية ذات تأثيراتٍ ستطال أوروبا والولايات المتحدة.
وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، توقيع عقد مع روسيا لشراء منظومات صواريخ “إس-400 ” الدفاعية. وقال رئيس أحد أكبر أعضاء حلف “الناتو” إن كل القرارات المتخذة وفق الاتفاق مع موسكو “تتوافق مع مصالح تركيا الاستراتيجية بالكامل”، معتبراً أنه “في ضوء ذلك، نفهم ردة فعل عدد من الدول الغربية التي تحاول ممارسة الضغط على تركيا”.
منظومة صواريخ “إس 400″، هي منظومة مضادة لطائرات الإنذار المبكر، وطائرات التشويش، وطائرات الاستطلاع، ومضادة أيضاً للصواريخ الباليستية متوسطة المدى. وتستطيع صواريخ “إس 400” إسقاط جميع وسائل الهجوم الجوي الموجودة حالياً بما فيها الطائرات والمروحيات والطائرات المسيّرة، والصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية التكتيكية، كما يستطيع هذا النظام اعتراض أهداف جوية تسير بسرعة 4.8 كيلومتر/الثانية، في حين يوجد نسختين من هذا الصاروخ الأولى يطلق عليها M969 ويصل مداه إلى 120 كيلومتراً والنسخة الأخرى هي الصاروخ الكبير ويصل مداه إلى 400 كيلومتر.
هي ليست فقط الصفقة الأكبر بين البلدين، بل إن تركيا هي أول دولة تحصل على الصواريخ الروسية، في وقتٍ لم تتأخر فيه زعيمة حلف “الناتو”، واشنطن، بالتعليق على الاتفاق الروسي التركي، حيث أعلنت أنه “كان الأجدى لتركيا اعتماد منظومة الصواريخ الأميركية “باتريوت” والتنسيق مع “الناتو” في المسألة الدفاعية”، ما دفع أردوغان إلى رفع سقف التصريحات، في لغةٍ تحمل إشارات الانفصال التركي الأميركي، إذ قال الرئيس التركي إنه “بعد الاتفاق مباشرة بدأت الإدارة الأميركية بالصراخ”، متسائلاً بالقول: “هل علينا انتظار الجواب من الولايات المتحدة كي نشتري السلاح؟ نحن أحرار وأسياد نفسنا ولسنا تابعين لأحد”. كما اعتبر أردوغان أن تركيا “بحاجة إلى إعادة النظر في رؤيتها وسياستها العامة والخارجية مع الدول”.
على ضوء الصراعات المتنقلة بين روسيا وحلف “الناتو”، من شرق أوروبا إلى الشرق الاوسط، والتي تتداخل فيها العوامل العسكرية والسياسية والإقتصادية، فإن الصفقة تؤكد على تغيّرٍ في قواعد التحالفات.
تأسس حلف “الناتو” في عام 1949 لمواجهة الإتحاد السوفياتي. وفي عام 2017، تعقد تركيا ثاني أكبر جيش في الحلف صفقةً دفاعية مع روسيا، ما يطرح تساؤلاتٍ عديدة عن مستقبل هذا الحلف، في ظلِّ تراجعٍ لدوره العسكري والسياسي أمام تصاعد الدور الروسي، والذي تلقفت تركيا بوادره سريعاً بعقدها لهذا الاتفاق الدفاعي.