عادت إلى القضاء مجدداً مسألة ترسيم الحدود البحرية بين الرياض والقاهرة، في مسعى من قبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى ابتزاز السعودية في سبيل أن يضمن لنفسه الرئاسة لولاية ثانية.
تقرير سناء ابراهيم
وضع السيسي قضية جزيرتي "تيران وصنافير" في دوّامة من الكرّ والفرّ لتأمين مصالحه الشخصية قبيل انتهاء ولايته الرئاسية الحالية، وفي مسعى إلى الحصول على الدعم الداخلي والخارجي وبخاصة من السعودية لتمكينه من ولاية أخرى في الرئاسة، يضغط بورقة الجزيرتين لضمان الحصول على دعم الرياض. وتتزامن خطوات السيسي مع إعلان المحكمة الدستورية العليا المصرية يوم 13 يناير / كانون الثاني 2018 موعداً للبتّ في قضية "تيران وصنافير".
وتعتزم المحكمة إصدار الحكم في دعوى التنازع المقامة من الحكومة المصرية لفض تناقض أحكام مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة في اتفاقية التنازل عن الجزيرتين، وحجزت أعلى سلطة قضائية في مصر الدعوى التي صدر في شقها العاجل تقرير هيئة المفوضين الذي أوصى بوقف تنفيذ جميع تلك الأحكام المتناقضة.
التقارب الزمني بين موعد الحسم القضائي للقضية والموعد المحدد للانتخابات الرئاسية بين فبراير / شباط ومايو / أيار 2018 لم يكن من باب المصادفة، وقد أتقن السيسي فنون استغلال الفرص وتسخيرها لخدمة أهدافه السياسية، وهو بات بأمس الحاجة إلى استمرار الدعم السياسي والاقتصادي السعودي، في ظل الضغوط المعيشية والشعبية المتصاعدة داخلياً، بعد سلسلة الإخفاقات التي تلقاها نظامه خلال فترة حكمه، وعجزه عن تحقيق أي انجاز كان قد تعهد به أمام مواطنيه.
ورأى مراقبون أن قضية "تيران وصنافير" ستكون حجر زاوية في المعركة الانتخابية ضد السيسي، وسيعمد منافسوه إلى استغلالها ضده نظراً إلى حالة السخط الشعبي الذي رافق تنازل السيسي عن ملكية الجزيرتين لصالح السعودية، وهو أمر سيسخره السيسي لابتزاز السعودية واضعاً دعمها لولايته الرئاسية الثانية في مقابل التنازل النهائي عن الجزيرتين.
يشكك متابعون في إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، مشيرين إلى إمكانية استمرار السيسي في الرئاسة من دون إجراء الانتخابات، وذلك بسبب الأجواء المتناقضة داخل مصر وجوارها؛ في حين يرى آخرون أنه في كلا الحالتين إنْ أُجريت الانتخابات أم لم تُجر، يحاول السيسي استباقها بالحصول على ما يمكنه من الرياض عبر استخدام قضية ترسيم الحدود التي تتنقل بين أروقة القضاء والبرلمان منذ عام 2016.