السعودية / شيكاغو تريبون – هناك عدد من العوامل وراء الانخفاض العالمي المستمر في أسعار النفط، بما في ذلك طفرة الإنتاج في أمريكا الشمالية، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، والركود الاقتصادي في أوروبا، وتباطؤ النمو في الصين. ولكن العامل الأكبر هو المملكة العربية السعودية، التي، ونتيجةً لاستيائها من الدول المنتجة للنفط، قاومت الضغوط لخفض الإنتاج من أجل تحقيق الاستقرار في الأسعار.
وقبيل اجتماع أوبك في فيينا الأسبوع المقبل، تبرز على السطح بعض النظريات المتناقضة حول لماذا تقوم السعودية بالحفاظ على النفط رخيصًا في الوقت الراهن. وإحدى هذه النظريات، هي أن السعوديين يريدون وأد الطفرة النفطية الأمريكية في مهدها. النفط الصخري الأمريكي هو أكثر تكلفة من ناحية الإنتاج، ويحتاج إلى ارتفاع الأسعار ليظل قادرًا على المنافسة. وقد قال أحد المحللين في وقت سابق من هذا الشهر: “السعوديون أعلنوا الحرب أساسًا على منتجي النفط في الولايات المتحدة”.
ولكن هناك نظرية أخرى، وهي أن السعوديين يشنون هذه الحرب بالتعاون مع الولايات المتحدة، ضد الأعداء المشتركين في روسيا وإيران. وقد قال وزير النفط الإيراني السابق لرويترز: “إن المملكة العربية السعودية، التي تعتزم إدارة أوبك، تخدم مصالح مجموعة G20″. كما أصر الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، والذي تعد حكومته متضررة من هذه الحرب، على هذا الرأي مؤخرًا، بالقول: “ما هو السبب وراء الولايات المتحدة وبعض حلفاء الولايات المتحدة الذين يريدون خفض سعر النفط؟ السبب هو إيذاء روسيا”.
ويتم التعامل مع فرضية التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية فيما يخص سوق النفط كأمر مسلم به في وسائل الإعلام الإيرانية والروسية، كما حصلت هذه الفكرة مؤخرًا على تأييد الكاتب توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز أيضًا. وبالفعل، المملكة العربية السعودية قد ترغب حقًا بمعاقبة روسيا لدعمها حكومة بشار الأسد، وسوف تتخذ أي إجراء يمكنها من تقليل حجم نفوذ منافستها الإقليمية، إيران. كما إن الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، تريد معاقبة روسيا على أفعالها في أوكرانيا، والضغط على إيران للموافقة على الاتفاق النووي.
ولكي تكون الأمور واضحة، ليس هناك دليل على وجود أي صفقة من هذا النوع، وتنفي المملكة العربية السعودية أن الدافع وراء سياساتها هو المصالح الجيوسياسية. وعلاوةً على ذلك، العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية ليست في أفضل حالاتها في الوقت الراهن، والمملكة متشككة للغاية تجاه انفراج العلاقات بين أميركا وإيران.
وحتى لو لم يكن هناك تواطؤ صريح يجري، ما زال تحرك السعودية مفيدًا بالتأكيد بالنسبة لبعض المصالح الرئيسة للسياسة الخارجية الأمريكية. ولكن، ولو افترضنا جدلًا أن نظرية المؤامرة حقيقية، وأن هناك اتفاقًا بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية للحفاظ على هبوط أسعار النفط، فهل هذه الصفقة تعمل بنجاح؟
لانخفاض أسعار النفط تأثير على كل من الاقتصادات الروسية والإيرانية. وفي حالة روسيا، قد يكون هذا التأثير أكبر نتيجة العقوبات الغربية التي فرضت مؤخرًا على اقتصاد البلاد. ولكن، وكما يشير دان دريزنر في صحيفة واشنطن بوست، لو كان الأداء الاقتصادي يشكل طريقة موثوق بها للتخلص من الحكومات الاستبدادية، لتم عزل رئيس زيمبابوي روبرت موجابي، وأسرة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية، منذ عقود من قبل الحشود الغاضبة. وحتى الآن كذلك، لم يظهر أن الحالة الوخيمة للاقتصاد الروسي ذات تأثير كبير على شعبية فلاديمير بوتين، ولا يبدو أن إجراءات الغرب تفعل شيئًا سوى تقوية موقف الرئيس الروسي في الوطن.
وأما في إيران، فيقدر بعض الخبراء أن البلاد بحاجة إلى أن يكون سعر النفط عند عتبة 140 دولارًا للبرميل لموازنة ميزانيتها. ولأن السعر حاليًا هو حوالي 80 دولارًا للبرميل، فمن المرجح أن تكون الضائقة الاقتصادية للجمهورية الإسلامية أحد الأسباب التي تشجع حكومة الرئيس حسن روحاني على أن تكون أكثر تعاونًا بشأن القضية النووية. ولكن في النهاية، سوف يتوقف نجاح المحادثات على وجهات نظر الزعيم الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، والذي كما تشير تايمز اللندنية “كان أقل تركيزًا على المستقبل الاقتصادي لإيران، منه على مكانتها كلاعب رئيس في المنطقة والعالم”.
نعم، حرب النفط قد تجعل الحياة صعبة بالنسبة لهذه البلدان، ولكنها لا تشكل أي ضمان بأنها سوف تجبر أنظمة هذه الدول على تغيير سلوكها.
* جوشوا كيتنغ – السبت 22 نوفمبر 2014
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها – ترجمة التقرير