السعودية / نبأ – هو أقرب إلى إيذان بالدفن، عقب إعلان الموت السياسي قبل واحد وسبعين يوماً، تاريخ تقاعده، هكذا بدا نبأ وفاة سعود الفيصل.
مرحلة ما بعد الأخير شرعت في اختبارها الرياض منذ أبريل الماضي، حين ودّعت عقود الفيصل الأربعين، وأنهت بتعيين عادل الجبير مكانه سنين إحتكر فيها رئاسة دبلوماسية آل سعود لما يقارب نصف عمر مملكتهم.
عمر أفناه الأمير رائداً ومسوقاً لسياسة خارجية قامت على ركائز ثابتة لم يبدلها الفيصل وما حاد عنها، سياسة سيؤرخ فيها أنه كان الباني والمؤسس لها، شب الرجل في السبعينات بعيد تقلده منصب وزير الخارجية لأول مرة، على سياسة عدوانية واستعدائية في الإقليم، حسمتها الرياض من اليوم الأول لانتصار الثورة الإسلامية في إيران. أما تجاه القضية الفلسطينية ومقاومة المشروع الصهيوني، فيصح القول إن الفيصل كان الوارث الأمين لسياسة التخاذل بل والتواطؤ، قبل أن يحمل الراية مجدداً لهذا النهج من خلال إعادة المملكة إلى ريادة التماهي مع تل أبيب والدعوة إلى السلام معها والإعتراف بها، واستعداء الحركات المقاومة لاحتلالها وعدوانها. منهج الخارجية السعودية في عهد سعود الفيصل تُسجل لصالحه محافظة أمينة على ركائز أخرى، الإلتزام بالمظلة الأميركية وتوظيف البترودولار في مشاريع الصدام الإقليمي وشراء الذمم في العالم العربي، أبرز هذه الركائز.
هي إذاً مناسبة للتذكير بما شرع به المراقبون والمحللون في أبريل الفائت حين بدا جناح العهد الجديد محظوظاً بمرض الأمير المخضرم، لإخراجه مع ما تبقى من حصة لآل الفيصل من دون مراعاة التوقعات بإبقاء الخارجية داخل الجناح الفيصلي.
والتذكير أيضاً سيكون بما تركه خروج سعود الفيصل من لمسة خاصة على الدبلوماسية السعودية، يشهد لها بحنكة ودهاء، وظفهما في خدمة ركائز الخارجية السعودية، عبر شخصية عرف عنها هدوء لوحظ انحساره في الآونة الأخيرة، تغيّرٌ ربما كان مرده إلى عدم ملاقاة النتائج مستوى مساعي الرجل، وحصاده المستمر للفشل والخيبات، وتمضية السنوات الفائتة في رحلة بائسة عن أهداف ونجاحات.
بعد أبريل تفتح ملفات سعود الفيصل من جديد وعلى نطاق أوسع، تزيد شهية المراقبين والمؤرخين على سبر أغوارها، بعد الوجبة الدسمة من تسريبات ويكيليكس.