السعودية / نبأ – تحت عنوان "دفء العلاقات السعودية مع حماس جزء من مسعى أوسع للتصدي لإيران"، نشرت وكالة رويترز تقريراً شاملاً يرصد تحركات المملكة العربية السعودية لتشكيل تحالف سني في مواجهة إيران، لافتة إلى أن هذا التحالف يضم حركات سياسية من بينها حماس.
وقالت الوكالة، في تقريرها الذي كتبه انجوس مكدوال "جاء لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل السعودية يوم الجمعة مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في إطار مسعى الرياض لتعزيز وحدة الصف العربي في مواجهة ما تراه تهديداً من إيران، وتعتقد الرياض أن الأمر أصبح أشد إلحاحا منذ الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية الأسبوع الماضي، وأصبحت السعودية أكثر نشاطا هذا العام في التصدي للشيعة والنفوذ الإيراني في المنطقة برمتها، إذ تعتقد أن هذا النفوذ هو السبب الرئيسي في انعدام الاستقرار والأمن في الدول العربية" حسب تعبيرها.
خشية من الاتفاق النووي
وأضافت الوكالة الأمريكية "وتخشى الرياض أن يتيح الاتفاق النووي لإيران زيادة دعمها لخصوم المملكة في الدول العربية من خلال رفع العقوبات المفروضة عليها مقابل فتح أبواب المنشآت النووية للمفتشين الدوليين"، ونقلت عن مصطفى العاني المحلل العراقي الذي تربطه صلات وثيقة بوزارة الداخلية السعودية قوله، إن "هذا جزء من الاستراتيجية الكبرى للتصدي للنفوذ الإيراني، وهذه هي القضية الأساسية للسعودية وأصبحت أكثر إلحاحا بعد الاتفاق النووي".
وأشارت "رويترز" إلى أنه منذ تولي الملك سلمان الحكم في يناير الماضي حاول بناء ائتلاف سني في مواجهة حلفاء إيران في المنطقة، فزاد الدعم للمعارضة السورية التي تقاتل جيش الرئيس بشار الأسد وشن حربا على أنصار الله في اليمن، لافتة إلى أنه على مدى سنوات ظل الارتياب الشديد يملأ نظرة السعودية لحركة حماس لأن الحركة حليف تقليدي لإيران، كما أنها منبثقة عن جماعة الإخوان المسلمين التي تراها الرياض مصدر تهديد.
وضع "الإخوان" على قائمة المنظمات الإرهابية تسبب في توتر العلاقات مع تركيا وقطر
وقالت الوكالة إن الارتياب السعودي يرجع إلى أن جماعة الإخوان تجمع بين دعوتها للقيم الدينية المحافظة وهو ما قد يروق للمواطنين السعوديين وبين مطالب بإلغاء الحكم الوراثي وإبداله بالحكم عن طريق الانتخابات، لافتة إلى أن العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله كان قد وضع جماعة الإخوان على قائمة المنظمات الإرهابية، وأيد الحملة التي شنتها مصر عليها، موضحة أن هذه السياسة من جانب المملكة تسببت في توتر العلاقات مع تركيا وقطر وهما حليفان رئيسيان في التصدي للنفوذ الإيراني في سوريا والعراق.
الملك سلمان عمل على تخفيف التوترات مع حلفاء الجماعة
وأوضحت رويترز أن الملك سلمان عمل – وأن لم يصل إلى حد إقامة علاقة صداقة مع الإخوان – على تخفيف التوترات مع حلفاء الجماعة، وقوى صلات الرياض مع أنقرة والدوحة ومد يده إلى حركة التجمع اليمني للإصلاح جناح الإخوان في اليمن، ونقلت عن جمال خاشقجي رئيس قناة العرب الإخبارية قوله، إن "السعودية في حالة مواجهة مع إيران وتهتم بجمع قدر ما تستطيع من الحلفاء، لذلك إذا حاولت التواصل مع ماليزيا أو التواصل مع حماس فالأمر سيان، الأمر يتعلق بتجميع أكبر عدد ممكن من الحلفاء".
وقالت رويترز إنه من خلال بناء العلاقات مع حماس ربما تقلص الرياض من التوترات مع حلفاء الإخوان، وتجعل من الصعب على إيران أن تطرح نفسها باعتبارها المدافع الرئيسي في المنطقة عن المقاومة الفلسطينية وتصور السعودية على أنها تدعم إسرائيل سرا، كما أنها تحسن فرص الرياض في المساعدة في الوساطة لتحقيق تقارب بين حركة حماس وحركة فتح الفلسطينية، بما قد يؤدي إلى وضع نهاية للانقسام الذي عطل السعي لإقامة الدولة الفلسطينية، وأدى إلى تبادل الاتهامات في مختلف أنحاء المنطقة.
وخلال الحرب التي دارت رحاها العام الماضي في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس انتظرت السعودية ثلاثة أسابيع قبل أن تدين الهجوم الإسرائيلي، بل واتهمت بعض الصحف قريبة الصلة بالأسرة الحاكمة الحركة الإسلامية بالتسبب في الحرب، ومنذ عشرات السنين كان الغضب بسبب محنة الفلسطينيين وفشل الحكومات العربية في إقامة دولة فلسطينية دافعا لقدر كبير من المعارضة لحكام المنطقة خاصة بين الإسلاميين الذين يصورون القضية الفلسطينية في إطار التضامن الإسلامي، وفي الوقت نفسه فإن الملك سلمان سيعزز من خلال طرح الخلافات القديمة حول الإسلام السياسي جانبا والعلاقات مع تركيا التي تربط حزبها الحاكم صلات قوية بالإخوان وقطر التي فتحت أبوابها لقيادات الجماعة الهاربة، وفي وقت سابق من العام الجاري نسب الفضل فيما حققته المعارضة السورية من انتصارات في حلب وعلى مشارف دمشق لتحسين التعاون بين الدول الثلاثة، وهي أكثر الأطراف مشاركة في دعم جماعات المعارضة السورية.
الاخوان والاسلام السياسي في الشرق الأوسط
وتحت عنوان جانبي "تهديد خبيث" قالت الوكالة إنه مع ذلك تظل الانقسامات العميقة بين الدول السنية في الشرق الأوسط حول الإسلام السياسي، إذ تبقى مصر والإمارات – وهما من الأعضاء الأساسيين في التحالف السعودي في مواجهة أنصار الله في اليمن – على معارضتهما الشديدة لجماعة الإخوان، لافتة إلى أنه "ما زال الأمراء الذين يديرون شؤون الحكم في السعودية ينظرون نظرة سلبية للجماعة، فما زالوا يتذكرون كيف أن الرياض أتاحت ملاذا لأعضائها خلال حركة تطهير في مصر في الستينات، وكيف أيد الإخوان فيما بعد في التسعينات حركة معارضة إسلامية لأسرة آل سعود الحاكمة، وقد وصف الأمير نايف وزير الداخلية الراحل وشقيق الملك سلمان ووالد ولي العهد الحالي الحركة ذات مرة بأنها "مصدر كل مشاكلنا في العالم العربي".
وأشارت رويترز إلى أنه رغم أن العديد من أفراد الأسرة الحاكمة ما زالوا يرون في الأنشطة السياسية السرية للإخوان تهديدا خبيثا للحكم، فهم يرون أن إيران تمثل خطرا حاليا، لافتة إلى أن الرياض تأمل أن تؤدي صيغتها الجديدة بالتساهل مع أنشطة الجماعة خارج دول الخليج، ودعمها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى استمرار المشاركة في المواجهة الأكبر مع إيران، وقال العاني إن على الإخوان المسلمين الآن أن يتفهموا ضرورة ألا ينشطوا داخل السعودية أو يتدخلوا في الدول الخليجية، مضيفاً "من المهم أن يفهموا هذه القواعد الجديدة للعبة".