مسقط/ نبأ- قالت شبكة (فوكس نيوز) اﻹخبارية اﻷمريكية، أنه وبعد أشهر من اختطافهما في اليمن الذي يشهد حربا أهلية طاحنة، خطا الرهينتان الأمريكيان أولى خطواتهما نحو الحرية عندما هبطا درج سلم طائرة سلاح الجو السلطاني العماني.
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا المشهد خلال السنوات الأخيرة ، فقد وطدت السلطنة من مكانتها كأحد أهم الوسطاء نفوذا في النزاعات الشائكة في المنطقة.
سعت السلطنة جاهدة لإحلال السلام بين القوى الأكبر في محيطها، بما في ذلك السعودية وإيران، بدءا من استضافة محادثات سرية بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي المثير للجدل ووصولا إلى الوساطة في المحادثات الرامية إلى حل النزاع في اليمن.
أحمد المخيني، المحلل السياسي العماني يقول "نظرا لموقعها، ونتيجة لشح الموارد في عمان، تعلم العمانيون الدبلوماسية، والقيام بدور الوساطة، ومهارات الاتصال. هذا الاتصال بالعالم يبدو أنه استمر وبات متجذرا في الثقافة العمانية."
أحدث الأمثلة على الدبلوماسية العمانية في عهد السلطان قابوس بن سعيد ظهرت جلية مساء الأحد عندما أعلنت نجاحها في التوسط لإطلاق سراح أمريكيين وثلاثة سعوديين ومواطن بريطاني محتجزين لدى جماعة الحوثي، بدون الإسهاب في شروط إطلاق سراحهم.
وبالرغم من عدم الإعلان عن أسماء السعوديين الثلاثة أو المواطن البريطاني، أكدت شركة ترانس أوشانيك ديفيلوبمنت للخدمات اللوجستية إطلاق سراح موظفها سكوت دارين. كما أعلن عن إطلاق سراح سام فاران، جندي البحرية الأمريكية السابق الذي كان يعمل في مجال الأمن الصناعي في اليمن، حسبما ذكرت زوجته زينا لمحطة دبليو جيه بي كيه – تي في.
وقالت زينا: "نشعر بارتياح كبير للغاية وسعادة غامرة لإطلاق سراحه. نشكر الرب على انتهاء هذه المحنة، كي نتمكن من المضي قدما في حياتنا. ننتظر عودته بفارغ الصبر إلى المنزل ."
نأت عمان بنفسها عن الانضمام لجاراتها الخليجية في حربها ضد اليمن. وسعت عوضا عن ذلك إلى لعب دور الوساطة باستضافة المحادثات بين الحوثيين والقوات المتحالفة معها والحكومة المستقيلة التي تحظى باعتراف دولي.
ولعبت عمان أيضا دورا بارزا في تأمين الإفراج عن رهائن آخرين في اليمن، بينهم الصحفي الحر كاسي كومبس الذي تم اختطافه في اليمن. ونجحت أيضا في أغسطس في إطلاق سراح مستشارة البنك الدولي إيزابيلا برايم، المواطنة الفرنسية، التي شكرت السلطنة على مساهمتهما في إطلاق سراحها.
مساعدة اليمن في وقف الحرب الأهلية مصلحة ذاتية لعمان التي تخشى تسرب الاضطرابات عبر الحدود. ويقول مارك فاليري، مدير مركز دراسات الخليج في جامعة إكستير: "تعتبر عمان نفسها دولة عرضة للتهديد لأنها دولة صغيرة تحيطها الكثير من القضايا مثل اليمن في الجنوب وباكستان في الشمال وإيران في الشمال والسعودية. هذا التهديد يوجب عليهم عقد صداقات مع دول الجوار الأخرى."
لكن ذلك لم يثن عمان عن انتقاد دول الجوار، فاستدعت عمان السفير السعودي في مسقط يوم السبت للاحتجاج على قصف طائرات التحالف مقر إقامة السفير في العاصمة صنعاء. وطالبت عمان بتفسير للهجوم "غير المقبول" وحذرت من أن استمرار الحرب "ربما يشكل تهديدا لاستقرار المنطقة." لكن السعودية نفت القيام بمثل هذا الهجوم.
وكانت عمان، على عكس دول الخليج الخمس الأخرى التي تشكل مجلس التعاون الخليجي الذي تهمين عليه السعودية، حريصة على بناء علاقات قوية مع إيران، حيث تتقاسم الدولتان السيطرة على مضيق هرمز، مفتاح العبور إلى الخليج العربي والذي تعبر منه ثلث صادرات النفط العالمية.
قام السلطان قابوس بزيارات متعددة لإيران، كان من بينها زيارته طهران عام 2013 والتي جعلته أول زعيم أجنبي يزور طهران منذ تولي حسن روحاني السلطة. ورد روحاني الزيارة العام الماضي، قام خلالها بتوقع اتفاقات استثمارية بقيمة مليارات الدولارات. في المقابل تغض السلطات العمانية الطرف عن تهريب البضائع عبر مضيق هرمز إلى إيران.
هذه العلاقات الوثيقة بين طهران ومسقط كانت ذا فائدة كبيرة للولايات المتحدة، التي لا تملك علاقات دبلوماسية رسمية مع إيران، فكانت عمان أول محطة للسياح الأمريكيين الذين اعتقلوا في إيران للاشتباه في كونهم جواسيس، بعد لعب دور الوسيط في الصفقة التي أمنت إطلاق سراحهم في 2010 و 2011.
وعقب إطلاق سراحهم استضافت عمان لقاءات سرية بين دبلوماسيين أمريكيين وإيرانيين على مدى العامين التاليين. وعلى الرغم من أن تلك المحادثات الأولية لم تسفر عن نتائج بارزة، إلا أنها ساعدت على إرساء الأساس للمفاوضات بشأن البرنامج النووي الايراني المتنازع عليه الذي بلغ ذروته في اتفاق تاريخي هذا العام.
كما حافظت عمان على علاقات أمنية وعسكرية محدودة، لكن مميزة مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
بالرغم من الثقة التي تتمتع بها لدى الدول الأخرى، كان للدبلوماسية العمانية فائدة إضافية في التعتيم على مشكلاتها الخاصة، مثل مسألة خلافة السلطان قابوس الذي يبلغ من العمر 74 عاما الذي لم يحدد من يعقبه في السلطة.
وقال فاليري: "إنه نهج علاقات عامة شائق للغاية يقوم على تقديم عمان نفسها على أنها الحليف الطيب في المنطقة ولا تكترث كثيرا لما يجري في المنطقة."