السعودية/ نبأ – الظلام الدامس في سراديب سجون المملكة يظل عاجزا عن طمس الحقيقة.
في صحيفة التايم الأمريكية تكتب مهى القحطاني زوجة الدكتور المعتقل محمد القحطاني بغير القلم. كلماتها المعذبة الموجعة دوّنها فراق السنوات الثلاث.
بما هو أكثر إيلاما من الألم وأقوى بكثير من القوة تكتب لنا مهى عن سارقي الآباء والذكريات والطفولة. عن السجان والقاضي ورجل الأمن والسلطة. تحدثنا مهى عن كل واحد من هؤلاء حين يكون لصا وقاتلا في آن.
عام 2013م أصدرت الحكومة السعودية حكما ضد الناشط الحقوقي والسياسي فهد القحطاني بالسجن لمدة 10 سنوات يليها حظر من السفر لمدة 10 سنوات إضافية.
كان القحطاني مؤسس وعضو مجلس إدارة “الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية” (حسم). حوكم وأدين وحكم عليه بالسجن نتيجة نشاطه السياسي السلمي حيث تم اتهامه بالإضرار بالنظام العام وتأسيس منظمة غير مرخصة.
تخبرنا المرأة الصلبة زوجة الرجل الشجاع عن بصمات القمع السعودي المطبوعة في حيوات أبنائها وعن الجراح التي تتلمسها في طفولتهم.
لم تكن ليلى قد تجاوزت الثلاثة أشهر من عمرها حين صدر الحكم على والدها. هي لم تمتلك فرصة معرفة والدها ولم يتسنَّ لها أن تلتقيه.
في ذاكرة ليلى لا صورة لوالدها. هي لا تعرف منه إلا صوته الحنون. تنفرد ابنة السنوات الثلاث بعلاقة مختلفة مع والدها فهما لا يتشاركان حبهما إلا لدقائق عبر الهاتف كلّ يوم.
ورغم القناة الصغيرة المسموح بها لتواصل الأب وابنته، تظل أسئلة الابنة الصغرى هي الأقسى. حين تسأل أمها باستمرار عن والدها.
ليس الأمر سهلا على الأشقاء الأربعة لليلى أيضا لأنهم حبيسوا ذكرياتهم مع والدهم. تقول مهى إنهم يتذكرون دائما أنشطتهم المشتركة مع محمد وهي تحاول دائما استيعاب مدى صعوبة الأمر عليهم.
صورة الأب المفقودة في خيال ليلى، الشوك المزروع في طفولة محمد، والدموع التي تبلل وسادة عثمان كل ليلة، ورحلات التخييم التي يفتقدها عبدالله والنور مع والدهما .. تحمل الحكومة السعودية أوزار الكثير من الذنوب.
تظل الذاكرة باقية فينا بقاء الألم فيها ولكن كيف نضمد جراح أطفالنا. أبناء هذا الوطن المسجون المعذب. يحصل هذا حين نرث شجاعة محمد القحطاني فتطيب جراحنا ونمضي إلى المستقبل الحقيقي الذي يمثلنا نحن، أبناء الأبطال لا أبناء القصور.