السعودية/ نبأ – تنظيم “داعش” لم يكلّف نفسه الاستفادة من الدروس التي مضت، فانطلق لبثّ الرعب وعدم المبالاة ببيئة من الممكن اعتبارها حاضنة اجتماعياً وفكرياً.
بداية. تركت المشاهد والقصص التي تُنقَل من مصادر مختلفة لدى المتابع السعودي البسيط لمجريات الأحداث، أثراً إيجابياً، نظرا لحالة الاستقطاب المذهبي التي تتم تغذيتها محلياً عبر المنابر الدينية والمنصات الإعلامية، وما تبثه بعض المؤسسات الرسمية في خطابها، ما جعل ذلك المتابع منصاعاً لهذه الماكينة الدعائية التي ارادت من ممارسات هذا التنظيم الدموية الانصراف في الداخل عن القضايا الوطنية والتنموية الكبرى.
وظلّ الترحيب ملاحَظاً إلى أن انتقلت تلك الممارسات إلى الداخل السعودي، فتجسد الخطر الذي يمثله هذا التنظيم. ومع ذلك ظلت الأصوات تستنكر بحذر، كون الهجمات كانت تستهدف مساجد وحسينيات للطائفة الشيعية. وسرعان ما انكسر هذا الحذر عندما فجّر “داعش” مسجد قوات الطوارئ في أبها بجنوب المملكة، وهو مسجد سني والمصلّون فيه رجال أمن. هذا الفعل دمّر صورة التنظيم محلياً بعدما كانت قد أُسبغت عليه في سوريا والعراق صفاتٌ لها صدى إيجابي عند المتلقي السعودي. فأصبح الفصل بين فعل وممارسة التنظيم محلياً وخارجياً أمراً مستحيلاً.
وحتى لو ابتعدنا عن مشاهد قطع الرؤوس وأكل الأكباد والحرق بالأقفاص والدهس بالدبابات التي برع بها “داعش”، نجد أن التنظيم أعطى الضوء الأخضر لمن جنّدهم في السعودية لتنفيذ عمليات مقزِّزة اجتماعياً، ومنها قتل الآباء والأمهات وأبناء العمومة الذين يعارضون فكرهم، ما زاد من الفجوة بينه وبين شرائح المجتمع. وانتهى إلى التفجير الذي ارتكبه في المدينة المنورة عشية عيد الفطر، ففَجع المسلمون عموما بهذه العملية في بقعة مقدسة ليست ميدان صراع. وفُسرت العملية بأنها استهداف للمسجد النبوي ذاته.