مصر/ نبأ – كثيراً ما نسمع المثقفين المصريين والإعلاميين يقولون إن كل تراجع في الثقافة المصرية هو بسبب تغلغل الفكر الوهابي في عقول بعض المصريين، الفكر المتشدد هذا بدأ في اختراق مصر ثقافياً واجتماعياً منذ منتصف السبعينيات حتى اليوم، حيث شهدت حقبة الانفتاح الاقتصادي هجرة المصريين إلى دول الخليج، وتحديداً إلى السعودية، حيث حمّلوا بالعادات والتقاليد الوهابية.
ومع ظهور الجماعات الإرهابية وانتشارها.. والتي تجسد الأفكار الوهابية في الشكل والمضمون، بدا تأثر مصر بصعود هذه الحركات المتشددة أكثر من غيرها، وتجسد ذلك بانفجارات واغتيال علماء وإعلان ولاية في سيناء أخيراً، ولمواجهة التشدد الممتد إلى مصر، أعلن مرصد الأزهر لمقاومة الأفكار المتطرفة، أنه لا يوجد ما يسمى بنظام الخلافة في الاسلام، مؤكداً أن نظم الحكم متروكة للأعراف داخل كل مجتمع.
واستنكر الأزهر ادعاء البعض أنه يجب على المسلمين ألا يعتدّوا بأي نظام سياسي للحكم سوى الخلافة.
بيان الأزهر جاء مخالفاً لنظام الحكم في الشريعة الإسلامية كما يراها محمد بن عبد الوهاب، الذي يقوم على استخلاف قائد مسلم على الدولة الإسلامية ليحكمها بالشريعة كما يراها الجناح الديني في الدولة، وهو ما التزمت به تنظيمات إرهابية عدة تدعي نظام الخلافة الاسلامية كتنظيم داعش والقاعدة وغيرها.
وبدا التغلغل السلفي والوهابي في مصر واضحاً مع مؤتمر غروزني في الشيشان، والذي عرَّف “أهل السنة والجماعة” بأنهم “الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علماً وأخلاقاً وتزكية، وفق بيانه الختامي، إذ شنت “الدعوة السلفية” في الإسكندرية وعدد من القيادات السلفية، هجوما كاسحا على الأزهر، ووصفو المؤتمر بأنه عُقد تحت رعاية روسيا الاتحادية، وهي التعابير نفسها التي استخدمتها الوهابية لتفكر باقي المذاهب الاسلامية.
الجماعات التي تطالب بعودة الخلافة الإسلامية هذه ليست وليدة اليوم، فحركة الموحدين السلفية، وهي ما يعرف بالوهابية، تحالفت مع آل سعود منذ تأسيس المملكة، وسبقت التنظيمات الحديثة ومهدت الطريق لها، مستخدمة السلطات التي منحها اياهم حكم آل سعود في السعودية.
ويؤكد مراقبون أنّ السعودية هي الوحيدة التي تعتمد على الشريعة الاسلامية من دون تدوين لها، ما يجعل سلطة رجال الدين فضفاضة، حيث تفرض المملكة طاعة ولي الامر عبر القانون، لكنها تحرم الخروج عنه عبر الفتاوى، وهو نسخة سعودية من نظام الخلافة الإسلامية، حيث يلعب الملك دور الخليفة.
وشأن كل التنظيمات السلفية الوهابية، فإن تكفير الآخر، مسلماً كان أم كتابياً، بات سمة راسخة في عقيدة الدولة السعودية، ببساطة لأن المواصفات الصارمة المطلوبة في الانسان المسلم بحسب رؤية الوهابية أو تلك التنظيمات لا تنطبق سوى على المنضوين تحت راية آل سعود.