بعد تولي دونالد ترامب رسمياً منصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، لم تعد تهديداته المتعاقبة والمتصاعدة ضد دول الخليج والسعودية مجرد دعاية انتخابية، بل بات سياسات مرتقبة مع شأنها أن تعكس مدى الخلاف السعودي الأميركي حول قضايا المنطقة، إضافة إلى تأكيدها تراجع دول الخليج على الأجندة الأميركية.
تقرير مودة اسكندر
نجح المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب بمواقفه المثيرة للجدل من التربع على سدة الرئاسة الأميركية، ليخيم مستقبل مجهول وضبابي على شكل العلاقات الأميركية السعودية المقبلة.
بنى الرئيس الأميركي الجديد حملته الانتخابية على سلسلة من التصريحات العدائية ضد السعودية وأنظمة الخليج، وهو الذي وصف السعودية بالبقرة الحلوب التي تدر ذهباً ودولارات، مطالباً النظام السعودي بدفع ثلاثة أرباع ثروته كبدل عن الحماية التي تقدمها القوات الاميركية له داخلياً وخارجياً.
ينتقد ترامب، الذي يعتبر أول مرشح في تاريخ الانتخابات الأميركية، السعودية علانية. دَعمَ قانون “جاستا” لمقاضاة الرياض بتورطها في هجمات سبتمبر/أيلول 2001م، وانتقد الموقف الاقتصادي الأميركي حيال السعودية والحاجة إلى نفطها.
وبشأن الوهابية، خاطب الرئيس الأميركي المملكة قائلاً: “لا تعتقدوا أن مجموعات الوهابية التي خلقتموها في بلدان العالم ستقف إلى جانبكم، فهؤلاء لا مكان لهم إلاّ في حضنكم وتحت ظل حكمكم، لهذا سيأتون إليكم من كل مكان وسينقلبون عليكم”.
ويرى خبراء أن تصريحات ترامب لا تعد كونها مجرد وعود انتخابية، ويستند هؤلاء إلى فرضية أن الأموال السعودية لا تزال قادرة على شراء النفوذ في واشنطن، فالنفط ليس فقط ورقة ضغط بيد السعودية. بل أن ثمة أوراقاً أخرى يُمكن للرياض أن تستخدمها في صياغة علاقاتها مع الإدارة الجديدة، منها صفقات التسليح التي قاربت قيمتها مئة مليار دولار خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى العلاقات الاقتصادية وحجم التبادل التجاري الذي يصل إلى حدود 45 مليار دولار سنوياً.
وبغض النظر عن مواقف ترامب خلال حملته الانتخابية، أرسل الملك سلمان بن عبد العزيز إليه برقية تهنئة بعد ساعات من إعلان فوزه في الانتخابات، أشاد فيها بالعلاقات “التاريخية الوثيقة بين البلدين”، وأعقبت تلك البرقية ثانية مماثلة من ولي ولي العهد محمد بن سلمان وثالثة من ولي العهد محمد بن نايف. وعلى لسان وزير خارجيتها عادل الجبير عبرت المملكة عن “تفاؤلها” إزاء تسلم ترامب الرئاسة، معلنة أنها “تتشوق للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة”.