أخبار عاجلة

واشنطن بوست: المصالح تعمي أمريكا عن رؤية القمع في مصر

مصر / نبأ – “من الآن، سيكون مألوفا رؤية وزير الخارجية جون كيري وهو يتملق نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويتغاضى عن انتهاكاته الشديدة لحقوق الإنسان، ويبدو أقل انزعاجا”.

هكذا بدأت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية افتتاحيتها الثلاثاء تحت عنوان “الولايات المتحدة لن تنطق بكلمة عن قمع مصر”، أو The United States won’t say a word about Egypt’s repressed، بعدما شارك كيري في مؤتمر “إعمار غزة” بالقاهرة وتكرر مشهد تملقه للنظام المصري في هذا المؤتمر، متهمة إدارة  باراك أوباما بالصمت على عمليات القمع، التي يمارسها نظام السيسي.

الصحيفة قالت أن كيري ناقش مع وزير الخارجية المصري سامح شكري “الدور الضروري للمجتمع المدني الحيوي، ودور الصحافة الحرة والمحاكمات القانونية بموجب القانون”، و”لكنه لم يذكر الحملة المستمرة التي يقوم بها النظام  لسحق ما تبقى من مؤسسات مجتمع مدني، والتي تعتبر، حسب منظمات حقوق الإنسان التي تراقب الوضع، أسوأ عملية قمع تشهدها مصر منذ نصف قرن”، بحسب الصحيفة.

وقالت واشنطن بوست إن “كيري كان بإمكانه الإشارة ولو بكلمة لمحمد سلطان ومحمد دومة اللذين أدخلا المستشفى قبل أيام من زيارة كيري لمصر، وبعد إضراب عن الطعام مضى عليه وقت طويل، ويحمل سلطان الجنسية الأميركية والمصرية وتتهمه السلطات المصرية بنشر المعلومات الكاذبة، ولكنها لم تقدمه للمحاكمة، ويصف المدافعون عنه حالته الصحية بالحرجة”.

وتضيف الصحيفة إن محمد سلطان “هو خريج جامعة أوهايو وعاد إلى مصر العام الماضي، واعتقله الأمن المصري بعد مداهمة بيت عائلته، وقد جاء يبحث عن والده، الذي كان يعمل في حكومة محمد مرسي التي أطاح الجيش بها”.

وتشير الصحيفة إلى أن محمد دومة مدون ليبرالي، واعتقل وحكم عليه بالسجن في كانون الأول/ديسمبر العام الماضي مع عدد من الناشطين الليبراليين مثل أحمد ماهر ومحمد عادل؛ بسبب خرقهم لقانون حظر التظاهر.

وقالت إنه لم يذكر أيضا أسم المعتقلة سناء سيف التي تم تأجيل محاكمتها، شأنها في ذلك شأن سلطان الذي لم تتم محاكمته أصلا، قبل وصول كيري للقاهرة بيوم واحد، وهي مضربة عن الطعام شأنها في ذلك شأن عدد كبير من السجناء السياسيين، وغالبيتهم من الليبراليين والعلمانيين الذين ساعدوا في قيادة ثورة 2011 وناضلوا من أجل تأسيس ديمقراطية.

ووصفت الافتتاحية سناء سيف – 20 عاما، بأنها “تنتمي لعائلة علمانية ومدافعة عن الديمقراطية، واعتقلت في 21 تموز/يوليو، عندما كانت تحتج على اعتقال شقيقها المدون علاء عبد الفتاح”.

الصحيفة قالت إن كل هؤلاء لم يسجنهم إلا النظام الذي يصفه كيري بأنه “لا يزال شريكا هاما للولايات المتحدة”.

ورأت واشنطن بوست أن نظام السيسي “رأف بحال كيري هذه المرة بتأجيل محاكمتي سناء سيف ومحمد سلطان وجنبه على الأقل “الإذلال”، فهو (كيري) سبق أن طالب خلال زيارة للقاهرة في يونيو الماضي بإطلاق سراح ثلاثة من صحفيي قناة الجزيرة معتقلين في مصر، وفي اليوم التالي تم إصدار أحكام بالسجن ضدهم ولفترات طويلة على خلفية اتهامات تافهة وتم تجاهل ما قاله كيري.

وأشارت إلى أن كيري أصدر بيانا للاحتجاج على هذه الأحكام، إلا أن الثلاثة، الذين من بينهم مواطن أمريكي وآخر مصري-كندي، لا يزالون داخل السجن.

والعجيب، بحسب الصحيفة، أنه “بدلا من الإشارة إلى السجناء السياسيين، اتفق كيري مع السيسي على أن القضية المحورية لمستقبل مصر هي “الاقتصاد”، مضيفة أن “هذه النتيجة الهينة تتغافل عن حقيقة أن الإصلاحات المادية بما في ذلك خفض الدعم وجذب الاستثمارات الأجنبية لن تثمر في ظل وجود نظام يسجن الآلاف سياسيا وينكر الحقوق الأساسية”.

وتختم الافتتاحية: “إن فشل كيري في مواجهة الديكتاتورية والاستبداد الجديد في مصر يعني مساعدته للبلد كي يظل فقيرا وغير مستقر وساحة أو أرض خصبة لتفريخ التطرف، ما سيجعل الولايات المتحدة عدوا في نظر المصريين الباحثين عن تغيير حقيقي”.

المصالح مقابل التغاضي عن القمع

وخصصت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية افتتاحيتها السبت الماضي أيضا لما اعتبرته “تحالفا منقوصا في الشرق الأوسط”، وشددت على أن “هناك تكاليف لهذا التحالف، منها تخفيف الضغط الأمريكي على الأنظمة التي ردت بالقمع الوحشي على مطالبة الربيع العربي بالتغيير الديمقراطي، والأكثر أهمية من بينها هي مصر، التي حصل حاكمها المدعوم من الجيش على واحد من اللقاءات الثنائية قليلة العدد التي عقدها أوباما في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي”.

وقالت: “لم تقتصر المكافآت على الجانب السياسي فقط؛ فقد أبلغ وزير الدفاع (الأمريكي) تشاك هاجل نظيره المصري أن الولايات المتحدة سترسل قريبا مروحيات الأباتشي العشر، التي علق تسليمها جراء مخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وذلك على الرغم من أن القاهرة لا تشارك في الغارات الجوية (على داعش).

وأكدت واشنطن بوست أن: “قرار الرئيس أوباما بأن يلتقي الجنرال عبد الفتاح السيسي، أثار فزعا، يمكن تفهمه، بين خبراء السياسة الخارجية وحقوق الإنسان في الفريق المعني بمصر، الذي قال للرئيس (باراك أوباما) في رسالة إن أية مساعدة للسيسي ربما لا تساعد على مكافحة التطرف العنيف في المنطقة، الذي رجحت كفته فعلا جراء التشدد وعدم الاستقرار الذي يزرعه (السيسي) كل يوم في مصر من خلال سياساته القمعية”.