السعودية / نبأ – في وقت تتزايد فيه الشكوك حول استراتيجية التحالف الدولي ضد داعش في سوريا والعراق جاء اجتماع واشنطن بين قادة الدول المشاركة في هذا التحالف ليزيد المشهد ضبابية وغموضا. وعلى الرغم من إصرار البيت الأبيض على أن إستراتيجية الولايات المتحدة وحلفائها تحقق نجاحا حتى الآن، تثبت الوقائع الميدانية أن ما يدور على أرض ليس أكثر من مناوشات وأن القادم قد يكون أخطر بأ ضعاف.
نراقب من كثب، نعرب عن قلق، نتوقع حربا طويلة الأمد، ونتحسب لإخفاقات، أربع عبارات تلخص الموقف الأمريكي مما يدور اليوم في سوريا والعراق، موقف ما زال يناور خارج الموضوع ويحوم حول الحمى مستفيدا إلى أبعد الحدود من التكتيكات السياسية. ما نقل عن إدوارد توماس رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة يثبت أن واشنطن تريد تطويل أنفاسها إلى أقصى الحدود، توماس وصف ما يجري حاليا بأنه إستراتيجية عراقية بالدرجة الأولى مضيفا أنه لم ننتقل بعد إلى الأرض السورية حيث سنعمل مع شركائنا على الأرض.
حسنا، فلنبدأ بالعراق إذا، ما الذي فعلته ضربات التحالف الدولي ضد داعش؟ حتى الآن لا شيء عمليا، التنظيم يتقدم أكثر فأكثر في الأنبار ويهدد بغداد التي أصبح على بعد كيلومترات منها، باختصار، ما يقارب نصف الأراضي العراقية أصبح تحت سيطرة الدواعش، سيطرة تبدو أكثر من إحدى وعشرين دولة عاجزة أمامها أو متظاهرة بالعجز على الأرجح، على الرغم من ذلك، ما يزال البيت الأبيض متحدثا عن إستراتيجية ناجحة.
وعلى المقلب السوري تبدو الصورة أشد إقلاقا، إجتماع واشنطن شرع الأبواب واسعة أمام الحرب البرية على سوريا، صحيح أن أيا من أطراف ما تسمى المعارضة السورية المعتدلة لم يحضر الإجتماع لكن المواقف الصادرة عن المجتمعين أوحت بأن الإحتلال بحلته الجديدة سيعود إلى الشرق الأوسط، أنقرة أعلنت مواقفتها على تدريب مقاتلي تلك المعارضة بالتوازي مع إصرارها على إقامة منطقة عازلة شمالي سوريا وفي سهل نينوى وكركوك، مشروع لم يحظ بعد بالرضا الأمريكي إلا أن شيئا من التناغم بدأ يرتسم بين الطرفين توطئة لهندسة جديدة في الوطن العربي.
وعلى الضفة الخليجية يبدو أن المملكة السعودية شرعت فعلا في خطة تأهيل من يسمون المعارضين المعتدلين، يأتي ذلك في وقت يتصاعد فيه الحديث عن ضغوط أمريكية على الرياض وبقية عواصم الخليج للدفع بقوات برية نحو سوريا، ضغوط ربما تنتج في نهاية المطاف قرارا بغزو تركي عربي للأراضي السورية.
وبانتظار ما ستجليه التطورات السياسية والميدانية خلال الأيام المقبلة، يبقى ثابتا أن أنقرة والرياض قد تقدمان على مغامرة جنونية في سوريا، مغامرة يمكن أن تدفع المنطقة برمتها إلى أتون نزاع واسع النطاق وتُقصّر أمد الحرب الطويلة التي يعمل الرئيس الأمريكي باراك أوباما على التسويق لها، وتحول الطموحات الخليجية والتركية إلى وقود حرب إقليمية يظهر مبكرا الجزم بمآلاتها.