تقرير: سناء إبراهيم
بعد نحو 40 يوماً من المظاهرات الشعبية في شوارع الجزائر المطالبة باستقالته، وعقب 20 عاماً من وجوده في السلطة، أعلن عبدالعزيز بوتفليقة عن استقالته، حملت في صورتها الأبرز الرضوخ للمطالب الشعبية المتواصلة، إلا أن الحذر من المرحلة المقبلة وكيفية ارتسام المشهد تبقى حاضرة.
قبل 26 يوماً من نهاية ولايته الرابعة، وبعد اجتماع لقادة المؤسسة العسكرية، جاءت استقالة بوتفليقة، إذ قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن الرئيس الجزائري ومن خلال رضوخه لضغوط الشارع، يقوم بتسريع الجدول الزمني لتقاعده السياسي، لكن رغبته في السيطرة على الانتقال قد تُعيد إحياء الاحتجاجات الشعبية إلى الشارع الذي أكد قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح أن الكلمة الفصل له.
يبدو المشهد كأنه معركة كسر عظم، بين رئاسة أركان الجيش والرئاسة، مع تحذير قايد صالح، في بيان، ممن وصفهم بـ “ذوي النيات السيئة الذين يعقدون اجتماعات مشبوهة”، في إشارة إلى اجتماع رئيس المخابرات الجزائرية السابق محمد مدين والسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، وسط تمسك الشعب بمطالبه.
وجاءت استقالة بوتفليقة على وقع رفضه لفكرة “العجز” الجسدي للإعلان عن رحيله عن السلطة، حيث كان قائد الجيش قد دعا إلى تطبيق “الحل الدستوري” لإعلان الشغور الرئاسي فوراً، في حال عجز الرئيس جسدياً الذي يمنعه عن أداء مهامه.
يلفت البيان الاستقالة الرئاسي الانتباه إلى أن بوتفليقة سيتخذ “قرارات مهمة، وفقاً للدستور”، لـ “ضمان استمرارية سير عمل مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية التي ستفتح في التاريخ الذي سيقرر فيه الاستقالة”، غير أنه لم تتم إيضاح ماهية وطبيعة تلك القرارات التي سيتخذها بحلول 28 أبريل / نيسان 2019.
كما أن هنالك فرضيات متداولة للمرحلة الانتقالية، بينها أن بوتفليقة يستخدم سلطته لتعيين أعضاء مجلس الشيوخ في المقاعد الشاغرة التي لا تزال تندرج ضمن حصته من التعيينات، لوضع شخصية أكثر توافقية من رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر على رأس المؤسسة.
أما الإجراء الآخر الذي يجب اتخاذه، بحسب الدستور، فهو إنشاء هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات. لكن هذا السيناريو مؤقت وقصير الأجل تديره السلطة القائمة للانتقال إلى الانتخابات الرئاسية.