وقعتِ الجريمة، ولم يكن مفاجئاً وقوعُها، فمنابعُ التحريض على الكراهية كانت تضخ على مدى عقود وهي كافيةٌ للفتك بالأبرياء وإقترافِ ما هو أبشع..
ملابساتُ إعفاء عبد العزيز خوجه لا تغيّر من حقيقةِ أن قرارَه بإغلاق واحدة من عشرات الفضائيات الطائفية كان صائباً، وإن إعادةَ فتح مكتبِها في الرياض يكشف عن حالة إنكار مقصودةٍ لدور الخطاب الطائفي المنتَجِ محلياً وبغطاء رسميٍ غالباً..
خطابٌ يُبثُ عبر فضائيات مرخّصةٍ في المملكة السعودية، وعبر منهج التعليم المدرسي، وخطبِ الجُمع والجوامع، والكتبِ الدينية بعناوينها الصارخة في تكفيرها لمكوّناتٍ سكانية وازنةٍ والتي تتصدر رفوفَ المكتبات الكبرى في هذا البلد، ومئاتِ الفتاوى التكفيرية التي تصدر عن شخصياتٍ ومراكزٍ ومعاهدٍ وهيئاتٍ تابعةٍ للمؤسسة الدينية الرسمية..هو الخطابُ الذي كان يلبّدُ الفضاءَ العام، وينذر بوقوع جرائمَ كبرى ضد السكّان المحليين..
ليس مجردَ صدفة أن يُجمعَ كلُ الذين لم يخضعوا تحت تأثير الخطاب الطائفي على تحميله المسؤولية في جريمة دالوة الإحساء..
وإن محاولةَ الالتفاف على هذه الجريمة عبر خلط الأوراق، وتعمّدَ إشراك أطراف لا دخل لها في الجريمة من قريب أو من بعيد، على غرار الأمر الملكي في 3 فبراير الماضي بإبعاد تهمةِ كونَ المقاتلين في الخارج من لونٍ واحد فراحَ يشركُ كلَّ خصوم السلطة في قائمة الجماعات الإرهابية، نقول إن تلك المحاولةَ لا تقلُّ عن الجريمة ذاتها، فالمساواةُ بين طلاّب الحرية والمدافعين عن حقوق الانسان والإصلاحيين من جهة والارهابيين التكفيريين من جهة أخرى لا يعني أكثرَ من التغطية على الجريمة وتوفيرِ مبرراتٍ إضافية لارتكاب المزيد..