أخبار عاجلة

تحالف عسكري مصري خليجي.. ضد إيران أم الإخوان؟

إيران / موقع راديو إيران بالفرنسية –  في إطار التغييرات السريعة والمتلاحقة تشهد المنطقة العربية ولادة تحالف عسكري جديد بين كل من (مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت) بحسب ما نقلت وكالة "اسوشيتد برس" عن مصادر عسكرية مصرية وخليجية. ووفقا لهذه المصادر فإن التحالف الجديد موجه لمحاربة "الدولة الإسلامية" المعروفة إعلاميا باسم "داعش".

فهل هذا التحالف موجه بالفعل تجاه "داعش"؟ وإذا كان كذلك فلماذا تأسس التحالف الجديد بينما أعضاؤه شركاء في التحالف الدولي الذي أنشئ لنفس الغرض؟ وهل ذلك يعني أنه موجه ضد الحركات الإسلامية بشكل عام، وجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص والتي تحاربها كل من مصر والسعودية والإمارات بشكل حاد؟ أم موجه إلى إيران التي تقف على بعد خطوات من اتفاقها مع الغرب على برنامجها النووي وفتح صفحة جديدة في العلاقات والتحالفات المتغيرة في المنطقة؟

وكالة أسوشيتد برس نقلت عن مسئولين عسكريين مصريين كبار أن التحالف الجديد سيعمل فى عدد من المناطق، منها ليبيا؛ حيث تدعم مصر والسعودية والإمارات قوات خليفة حفتر والثورة المضادة، كما قال المسئولون المصريون: "إن اليمن قد تكون مسرحًا محتملاً لتدخل التحالف المزمع تأسيسه".

ويعكس تطور التحالف بين دول الثورة المضادة للربيع العربي حالة من الخوف والقلق المتزايد من الحركات الإسلامية، والنظر إليها كتهديد "وجودي" للممالك العربية وللسلطات العسكرية فى مصر كما يتردد على لسان الجنرال عبد الفتاح السيسي في خطاباته الأخيرة.

ضد الحركات السنية؟

وكالة "أسوشيتد برس" نقلت عن مسئول خليجى آخر، رفض ذكر اسمه، بأن المحادثات التى بدأت للتنسيق حول ما يمكن لتلك الدول عمله فى ليبيا ضد الإسلاميين هناك، تطورت لتناقش شكلاً أوسع من أشكال التعاون حول كيفية التعامل مع "المتطرفين" فى المنطقة، لكن المحادثات لا تزال سرية.

وخلال المحادثات أظهرت تلك الدول استعدادًا غير مسبوق للعمل معًا، وخاصة مصر والإمارات اللتان تعاونا معًا فى تنفيذ ضربات جوية ضد الحركات الإسلامية السنية فى ليبيا خلال الأسابيع الأخيرة.

مكونات التحالف الجديد تشير إلى تجمع الأنظمة التي تعادي ثورات الربيع العربي التي أتت بصعود الجماعات الإسلامية السنية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ووصولها إلى الحكم في عدد من البلدان، وشن أعضاء التحالف على الجماعة حربا ضارية سياسيا وإعلاميا واقتصاديا وأمنيا كما حدث في مصر وليبيا واليمن وتونس. غير أن تشكيل "تحالف عسكري" يجمع قوات خاصة من تحالف الثورة المضادة ولا يخفي نيته التدخل في ليبيا، يشير ذلك إلى خطورة ما تحمله الأيام القادمة من أحداث وفقا لما تحمله مخابرات تلك الدول من معلومات وأسرار.

ضد إيران الشيعية؟

ويمكن أن يمثل التحالف، حسب "أسوشيتد برس"، نوعًا من استعراض القوة لمواجهة المنافس التقليدي للسعودية والخليج وهي إيران ذات الغالبية الشيعية.

وقال المسؤولون العسكريون إن التحالف الجديد لا ينوي التدخل في العراق أو سوريا، ما يثير تساؤلات محيرة حول ذلك التضارب في التصريحات والمفاهيم، حيث تم إعلان الهدف من التحالف أنه لمحاربة "داعش" المتواجدة في العراق وسوريا، وفي نفس التصريحات يتم نفي نية التدخل في هذين البلدين اللذين يحتويان على عدد من الجماعات المسلحة التي تمثل تهديدا وجوديا لأنظمة الحكم الخليجية بحسب تصريحات مسؤولين في تلك الدول.

البعض يرجح أن هذا التحالف العسكري المصري الخليجي موجه بالأساس إلى إيران، ويقرأ ذلك الاحتمال من توقيت الإعلان عن التحالف الذي جائ قبيل عقد اتفاق بين طهران والدول الغربية نهاية نوفمبر الجاري سيترتب عليه رفع العقوبات عنها وإحداث تقارب أكبر مع الغرب. وفي نفس الوقت يمثل التحالف المصري الخليجي رسالة خفية إلى الولايات المتحدة التي بدأت تتجه مؤخرا نحو التحالف مع إيران كقوة إقليمية نافذة على حساب السعودية والخليج ومصر.

وما يرجح هذا السيناريو أيضا هو تصريح الادميرال جون كيربى المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أنه ليس لديهم معلومات عن هذه القوة المشتركة بين تلك الدول العربية وليس لديهم الرغبة في التحدث عن ذلك.

وماذا عن إسرائيل اليهودية؟ 

العجيب أن ذلك التحالف الذي يضم أكبر وأغنى الدول العربية التي من المفترض أنها تقود العالم الإسلامي يجعل هذه الدول توجه طاقتها وسلاحها نحو حركات إسلامية إما سنية أو شيعية، بينما تتجاهل العدو الرئيسي للأمة الإسلامية ألا وهو "الاحتلال الإسرائيلي" وما يرتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية في غزة والقدس والمسجد الأقصى، وليت الأمر يقف عند التجاهل، بل تطور الأمر إلى وقوف هذه الدول الأربع تحديدا (مصر والسعودية والإمارات والكويت) في جبهة واحدة مع إسرائيل كما تردد على لسان مسؤولين يهود ضد عدو واحد وهو "الحركات الإسلامية" بشكل عام.

سرعة الأحداث وبناء التحالف تشير إلى أن المعادلة السياسية في المنطقة أصبحت معقدة جدًا، وسيناريو التغير الجذري في التحالفات وقلبها رأسًا على عقب خاصة في منطقة مثل الخليج ومصر وبلاد الشام، حيث الموقع الجغرافي الحساس وتمركز منابع الطاقة العالمية في هذه البقعة من العالم ليس بالأمر السهل والسريع، ولكن ذلك ليس مستبعدًا إطلاقًا، والأيام القادمة قد تكون حبلى بالكثير من المفاجآت.

ترجمة وعرض: محمد بدوي