السعودية/ نبأ (خاص)- لم تتأخّر بلدة العواميّة عن الاستجابةِ لنداءِ الحراكِ المطلبي، ولو قيد تردّدٍ. وضعتْ قدمَها، منذ اليوم الأوّل، على طريق ذات الشّوكة، وعلى جبينها علامةُ العزّةِ وسنون من القهرِ والحرمان. يحفّها التطلّعُ نحو الحريّةِ والعدالةِ، وتعومُ تحت الحصارِ بإرادةِ النّخيلِ الفارعة، ومن غيرِ أن تسقطَ في دهاليزِ الخلافِ أو أتون الصّراع على الفتات.
لم تشأ العواميّة أن تكون خارج الكرامةِ، ولو بمقدارِ انحناءةٍ خفيفة. بالنسبةِ لأهلها، فإنّ الأهمَّ لديهم هو الوقوفُ إلى جانبِ الحقّ، ولو كان أكثرُ الناسِ للحقِّ كارهون.
قيل لهم بأنّكم قلّة. فقالوا: كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ. قيل لهم: إنّها الدّولة الأكثر إنفاقاً على التسلّح في العالم. فقالوا: الذين قال لهم الناس:إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا:حسبنا الله ونعم الوكيل”
قيل لهم: القوّاتُ من أمامكم والتكفيريون من خلفكم. فقالوا: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون”.
شهداءُ العواميّة ومنطقة القطيف؛ هم رهانُ هذه المنطقة وسرُّ عنفوانها. ليس لديهم خيارٌ آخر حينما يكونُ الأمرُ محصوراً في المدرّعاتِ، ولغة القتل الطائفيّ، كالتي اجتاحت البلدة يوم السّبت. الخيارُ الوحيدُ هو الوقوفُ في وجه الرّصاص، وإطلاق الهديرِ الأكبر الذي تعلّمه الأحرارُ من عمامةِ الشّيخ نمر النّمر، والذي يُمرَّرُ اليوم يديه من نافذة الزّنزانة، موجِّهاً تحيّة الأبِ الحاني إلى الجيلِ الذي كسرَ ثقافة الخنوع، واختارَ أن يكون شاهداً وشهيداً، وما بدّلوا تبديلا.