الامارات / متابعات – أصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش، المعنية بقضايا حقوق الإنسان في العالم، أمس الخميس، تقريرًا من 82 صفحةً، يلقي الضوء على سوء المعاملة، الذي يحظى به العمال الوافدين للإمارات، وبخاصة لجزيرة السعديات، فيما يعتبر التقرير الثالث للمنظمة، الذي يشير إلى هذه القضية.
وأعربت المنظمة في تقريرها، الذي يحمل عنوان “حقوق العمال الوافدين في جزيرة السعديات بالإمارات العربية المتحدة: تقرير متابعة لسنة 2015″، عن قلقها الشديد على حقوق العمال القائمين على مشروع ضخم، من شأنه استضافة فروع لمتحفي اللوفر وجوجنهام، بالإضافة إلى حرمٍ لجامع نيويورك، مضيفةً أنه على تلك المؤسسات، أن ترهن استمرار مشاركتها في المشروع، بالتزام المطورين العقاريين، إظهار جدية أكبر في تنفيذ تدابير حماية للعمال، وتعويض من تعرضهم منهم لانتهاكات، بمن فيهم الذين تم ترحيلهم تعسفًا بعد شروعهم في الإضراب.
وألقى تقرير المنظمة الضوء إلى بعض ممارسات أصعاب الأعمال بحق العاملين، كاحتجاز رواتبهم ومستحقاتهم، والامتناع عن سداد أتعاب استقدامهم، فضلًا عن مصادرة جوازات سفرهم، وإيوائهم في مساكن وصفتها المنظمة بـ”دون المستوى”.
وقالت المنظمة في تقريرها، إنه “في أخطر الحالات، قام مقاولون يعملون لحساب جهتي التطوير العقاري الحكوميتين في موقعي جامعة نيويورك ومتحف اللوفر؛ قاموا على ما يبدو بإبلاغ سلطات الإمارات عن إضراب، ما أدى إلى الترحيل التعسفي لعدة مئات من العمال المضربين”.
ونقلت المنظمة عن سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة، قولها، إنه “ثمة مخاطرة بإلقاء ما حدث، من تقدم في حقوق العمال بجزيرة السعديات، خارج النافذة، طالما كان العمال يعلمون أنهم ممنوعون من الاحتجاج عند تدهور الأوضاع، وطالما ظلوا يتحملون أتعاب الاستقدام وغيرها من الانتهاكات. وعلى جامعة نيويورك واللوفر وجوجنهايم أن توضح أن القوانين ومواثيق السلوك الجديدة لا تفيد إلا بقدر ما يتم إنفاذها”.
وأشارت المنظمة إلى أنه “رغم تعلق الانتهاكات بنسبة ضئيلة من العمال، إلا أن المشاكل الخطيرة، التي تعكس ما توصل إليه مراقبون مستقلون، تكشف عن ثغرة في إنفاذ الالتزامات المعلنة من جانب شركاء الإمارات في التطوير العقاري”، موضحة أنه “من المفترض أن عمال موقع جامعة نيويورك محميون بميثاق سلوكي، ينفذه جهاز الشؤون التنفيذية في أبوظبي وترصده شركة ’موت مكدونالد’، أما عمال موقعي اللوفر وجوجنهايم، فيحميهم ميثاق سلوكي تنفذه شركة التطوير والاستثمار السياحي، وترصده شركة ’برايس ووترهاوس كوبرز’”.
وبحسب التقرير، فإن هيومن رايتس ووتش، تحدثت إلى 116 من الموظفين الحاليين والسابقين لدى مقاولي مشروعات جزيرة السعديات، وذلك رغم عدم سماح المطورين العقاريين الحكوميين لباحث المنظمة بالوصول إلى الموقع، فضلًا عن أنه لاحقًا تم وضع الباحث على القائمة السوداء، لعدم السماح له بالعودة.
هذا وقامت الإمارات العربية المتحدة، بتعديل قوانينها العمالية، بحيث تتيح للعمال تبديل أصحاب العمل دون الرجوع لهم، مع إلغائها تراخيص الوكالات التي تفرض على العمال رسوم استقدام. ووضعت الإمارات مواثيقًا سلوكية جديدة لتنظيم شؤون المقاولين في مواقع جامعة نيويورك والمتحفين، إلا أن العمال لايزالون يتحملون انتهاكات جسيمة، بحسب المنظمة، من بينها الترجيل بإجراءات موجزة.
ونقلت المنظمة عن عمال في شركة “بي كيه غلف”، وهي إحدى المقاولين في موقع جامعة نيويورك، وعن شركة “آرابتك”، إحدى مقاولي موقع متحف اللوفر؛ قولهم، إن سلطات الإمارات قامت بالاحتجاز والترحيل التعسفي لعدة مئات من العمال، إثر شروعهم في إضرابات منفصلة، لا يتصل أحدها بالآخر، وذلك في مايو وأكتوبر 2013.
ونقلت عن عامل سابق بشركة “بي كيه غلف”، قوله: “اعتقلوا (سلطات الإمارات) كل شخص طالته أيديهم”. ووصف العامل عمليات الاعتقال، التي قال، هو وآخرين، إنها تمت بقيادة مجموعة من ضباط الشرطة الملثمين؛ وصفها بـ”المروعة”، فيما قال عامل آخر، إن أفرادًا من شرطة أبوظبي، قاموا بصفعه وفدعه أثناء الاستجواب، سائلين عن هوية منظم الإضراب، الذي أدى لترحيل أكثر من 200 عامل، بحسب أقوال العامل.
ومن جانبه، قال عامل بشركة “آرابتك”، كان قد تم احتجازه قل ترحيله بسبب إضراب في أكتوبر 2013؛ إنه لايزال يحاول سداد ديونه لأشخاص في بنجلاديش، كانوا أقرضوه المال اللازم لدفع رسوم الاستقدام، والبالغة، بحسب قوله، 2600 دولار أمريكي، والتي لم يعوضه صاحب العمل عنها.
وردًا على خطابات موجهة من هيومن رايتس ووتش، قالت شركة “آرابتك”، إنها وافقت على مطالب بعض العمال، “إلا أن عددًا من الموظفين لم يكونوا على استعداد لقبول تلك الترتيبات، مطالبين بإعادتهم لأوطانهم”، بحسب الشركة، في الوقت الذي أفادت فيه وسائل إعلامية إماراتية، بأن السلطات ألغت تأشيرات 467 من موظفي الشركة، بعيد الإضراب.
وأضاف التقرير إلى أن شركة “برايس ووتر هاوس كوبرز”، وهي الطرف الثالث الراصد المعيّن من قبل شركة التطوير والاستثمار السياحي؛ أصدرت تقريرها الثالث، في سلسلة من تقارير الامتثال، في ديسمبر 2014، مؤكدةً فيه العديد من النتائج التي توصلت إليها هيومن رايتس ووتش. كما كشفت الشركة عن رصدها عدم امتثال بالقدر الكافي، للمواثيق السلوكية، مشيرةً إلى أن شركة التطوير والاستثمار السياحي، لم تنفذ الجزاءات المالية إلا على 3 من المقاولين الستة، الذين كانت جازتهم الشركة العام السابق، إلا أنها لم تكشف عن أسماء المقاولين الخاضعين للجزاءات، ولم تحدد أسباب الغرامات أو قيمتها.
ومن جانبها, ردت شركة التطوير والاستثمار السياحي، على نتائج المنظمة، بقولها، إنها “لا تعكس حقيقة الواقع على الأرض”، مضيفة أنه “على ما يبدو فإن الميثاق السلوكي الذي يحمي العمال في موقع جامعة نيويورك، يخلو من أية سياسات جزائية مرتبطة به”. فيما لم تلق المنظمة أي رد من جهاز الشؤون التنفيذية بأبوظبي، في هذا الصدد.
ونبهت المنظمة في تقريرها إلى ضرورة أن ترهن المؤسسات الأجنبية المشاركة في المشروع (المتحفين وجامعة نيويورك)، مشاركتهما فيه، على اصدار السلطات الإماراتية، والهيئات المشرفة على المشروع، التزامات علنية، تخص حماية العمال وحقوقهم، ومجازات المقاولين المخالفين.