الدّمُ الذي يُسْفَكُ على بساطِ الحرّيةِ الحمراءِ دمٌ مغوارٌ يمنحُ الأحرارَ خلوداً وشامةً من العبقريّات.. ولكنّه أيضاً دمٌ غاضبٌ.. لا يعرف الانكسارَ والانحناءَ، وله في سيرةِ الانتقامِ ألفُ حكايةٍ وعدالة.
القواتُ الغادرةُ التي استهدفت منزلَ الشّهيدِ مراراً وتكراراً، لم تكتفِ بإراقة دمِّ قريبه الشاهدِ الشّهيد.. فوّهةُ الذّبحِ كانت تُداهِمُ كلّ حين المنزلَ الآيلَ للسقوطِ، ولكن العامرِ بالصّمودِ والإباء. كانوا يبحثون عن روحِك التي امتزجت مع روحِ مرسي الربح وخالد اللّباد.. لم يسأموا طوالَ السّنوات.. كانت غريزةُ الفتْكِ تُحرّكهم في اللّيلِ والنّهار، لعلّ عيونهم تُمْسِكُ ظلاً لكَ هنا، أو أثراً لصوتك هناك.. لينالوا من إشعاعِ وجهكَ المضيءِ، ومن وقْعِ أقدامِك التي تحفظها الميادينُ وساحاتُ النّضال.
بكَ هم متّهمون.. بدمّكَ المسفوكِ ظلما هم متّهمون ولو صاغوا الرّواياتِ الصّفراء وتلاونوا في وحْل البياناتِ الكذوبة. وضعوكَ في قائمةِ المطلوبين، فكنتَ مطلوباً حيّاً أو ميتاً. ولكنهم ما عرفوا أنّكَ من نسْلِ تلك القافلةِ المعطاء التي أنعشَها الشّيخُ الصّامدُ في السّجنِ الذي أرْكعَ رصاصتِهم بكلماتِه النّوراءِ التي هزّ هديرُها النعوشَ والعروشَ…