السعودية / ميدل إيست مونيتور – أصبح من الضروري أن يسأل وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، نفسه عما يمكن أن تتعرض له المملكة مستقبلا. فلم تعد ما تسمى بالدولة الإسلامية (داعش) التهديد الوجودي الوحيد للمملكة، فقبل بضعة أيام برز تحد جديد على حدودها الجنوبية.
تشترك المملكة العربية السعودية في الحدود مع اليمن التي تمتد بطول 1700 كيلومتر، وهي الدولة التي تنقلت بين أزمة إلى أخرى منذ انطلاق الربيع العربي. والآن، وبسرعة البرق، وفي مشهد يذكرنا باستيلاء داعش على مدينة الموصل العراقية، يتقدم المتمردون الحوثيون الشيعة في شوارع العاصمة اليمنية، ويقومون بدوريات في الشوارع وحراسة مباني البرلمان.
ويذكرنا انهيار القوات الحكومية في العاصمة صنعاء بشكل مخيف بما حدث في الموصل، حتى إذا كانت النتيجة أقل وحشية ودموية بكثير.
ولكن الحقيقة أن هزيمة الحوثيين للقوات الحكومية بهذه السهولة هو تذكير صارخ عن مدى التغير الكبير الذي حدث في قواعد اللعبة بالنسبة للمملكة العربية السعودية. كما أن ما ينبغي أن يكون مقلقا أكثر هو فكرة أن إيران، التي يعتقد السعوديون أنها وراء تسليح وتشجيع التمرد الحوثي منذ أكثر من عقد من الزمان، لديها الآن وكلاء في شبه الجزيرة العربية.
السعوديون اعتادوا على أن اليمن على مدى عقود كانت في حالة مستمرة من الصراع والفساد والفوضى. واعتمدوا إلى حد كبير سياسة الاحتواء وعدم المشاركة، والمراقبة غير المهتمة، بينما عانى بعض اليمنيين من أسوأ نظم الحكم وبعض من أعلى معدلات الفقر ووفيات الأطفال في المنطقة.
وعندما بدأ الربيع العربي، كانت المملكة العربية السعودية أكثر اهتماما بالمساعدة في سحق الانتفاضة الشعبية في العاصمة البحرينية المنامة، من اهتمامها بما كان يحدث في اليمن. وقامت بإرسال جنودها عبر الجسر الذي يربط البحرين بالسعودية في مارس 2011.
وبطبيعة الحال، فإن السعوديين لم يكونوا سعداء لرؤية حليفهم، الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، وقد أجبر على التنحي في عام 2012 لكنهم قبلوا القول بأنه لم يعد زعيما ذا مصداقية. وأنه إذا ما ظهر مرشح مناسب، فإن البلاد سرعان ما ستنزلق بالتأكيد إلى حالتها المعتادة، حيث تواجه تحد مع الحوثيين في الشمال، وتمرد في الجنوب المشتعل، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مما سيجعلها دائما غير مؤثرة.
لم يكن أحد يحسب أن الحوثيين سيستولون على صنعاء. تماما كما لم يتوقع أحد في العراق أو في أي مكان آخر سقوط الموصل.
وسيصبح ما سيحدث بعد كابوسا يؤرق سعود الفيصل وبقية أفراد الأسرة الحاكمة في السعودية. فالخطر صار كبيرا على الحدود الشمالية والجنوبية.
فداعش تعتبر آل سعود حكاما فاسدين، وأنهم لا يستحقون شرف حماية أقدس الأماكن في الإسلام، مكة المكرمة والمدينة المنورة. وبينما لا تزال داعش غير قادرة على شن هجوم مباشر على الأراضي السعودية، إلا أن الهجمات الإرهابية التي يخاف منها الغرب قد تحدث في الرياض أو جدة كما قد تحدث في لندن أو نيويورك أو باريس.
والسبب في ذلك واضح جدا، كما أظهرته وسائل الإعلام الاجتماعية في المملكة العربية السعودية (وأماكن أخرى في الخليج)، حيث أن هناك دعم قوي لداعش بالمملكة، كما أن دعوتها لإقامة الخلافة قد تنتشر في شبه الجزيرة العربية.
القيادة السعودية، تماما مثل نظيراتها في بريطانيا والولايات المتحدة وتركيا، غير مستعدة لإرسال قوات برية على الأرض في المعركة ضد داعش. فحتى الآن، انضمت المملكة، جنبا إلى جنب مع دولة الامارات العربية المتحدة إلى الغرب في مهاجمة الجهاديين من الجو. ولكن، من دون قوات برية، لن يتم هزيمة داعش، وفي الوقت نفسه فإن التهديد المحلي الداخلي في المملكة العربية السعودية أكبر بكثير.