السعودية / المونيتور – يجتمع الملايين من المسلمين حاليا في مكة المكرمة لأداء واحدة من الفرائض الأساسية للإسلام، فريضة الحج. ويشارك عرب إسرائيل أيضا في هذه الطقوس، إلا أن وضعهم فريد من نوعه، مما يعقد عملية وصولهم الى المدينة الإسلامية المقدسة. فالسعودية لا تعترف بدولة إسرائيل، ودخول هؤلاء الحجاج غير ممكن بجواز سفر إسرائيلي، لذا فإن قرار ذهابهم يجب أن يتخذ من الأردن.
إلا أن تغييرا كبيرا قد حدث هذا العام. فللمرة الأولى، أصبح من الممكن للحجاج من إسرائيل أن يطيروا من مطار بن غوريون إلى جدة عن طريق الأردن. حيث سمح ل 770 حاج بالوصول إلى المملكة العربية السعودية عبر هذا الطريق، وهو ما يمثل نحو ثلث الحصة التي تبلغ 3651 حاجا، لعام 2014 التي وضعتها السلطات السعودية لعرب إسرائيل.
بدأت الاستعدادات لموسم الحج قبل فترة طويلة من بداية الرحلة. حيث تم تقديم الطلبات للمشاركة في حج هذا العام إلى اللجان الأردنية الخاصة بحلول نهاية عام 2013، من خلال “لجان الحج” المحلية التي تنشط في الوسط العربي. وتكون الأولوية في تصاريح الخروج هي لأولئك الذين بلغوا سن ال 35 و لم يزوروا مكة من قبل.
وكلما تقدم سن مقدم الطلب، كلما زادت فرصه. وقال سكان الحاج مصطفى عزام، الذي يرأس وفد الحجاج من إسرائيل إن فرص الحصول على تصريح خروج إلى مكة مرتين في العمر ضئيلة، إن لم تكن غير موجودة تماما، إلا في حالات غير عادية جدا. فالآلاف من العرب الإسرائيليين الذين يطلبون أداء الحج كل عام يحرمون من تصاريح الخروج.
رحلة الحج ليست رحلة رخيصة التكلفة، وبالتأكيد هي ليست كذلك بالنسبة للإسرائيليين العرب. فأحد المستفيدين الرئيسيين من رحلة الحجاج العرب الإسرائيليين إلى المدينة المقدسة هي الأردن. فالمملكة التي لا تملك العديد من مصادر الدخل، تحتكر بشكل غير رسمي التنظيم الإداري واللوجستي لنقل الحجاج من إسرائيل. وتكسب شركات نقل الركاب وشركات الطيران والفنادق وخدمات الضيافة في الأردن لقمة عيش جيدة من الإسرائيليين.
كما تعود الأرباح أيضا إلى خزينة الحكومة. فعلى سبيل المثال، من أجل الحصول على جواز سفر أردني مؤقت، بحيث يتمكن الشخص من دخول الأراضي السعودية، يتم دفع رسوم قدرها نحو 70 دولارا. بالإضافة إلى الضرائب الإضافية التي تجمعها الأردن، مثل “رسوم الخدمات” ورسوم نقل وتفريغ الأمتعة والتأمين وغيرها، وتتلقى المملكة حوالي 120 دينار (حوالي 170 دولار) من كل سائح أو حاج.
كانت محاولات سابقة لكسر الاحتكار الأردني في هذا المجالقد باءت بالفشل. وقال مصدر من القطاع العربي إنه في العام الماضي حاول رجل أعمال من واحدة من بلدات المثلث تنظيم حافلة خاصة للحجاج عبر الأردن دون استخدام خدمات الشركات الأردنية، لتوفير التكاليف. إلا أن هذه الحافلة، لم تحصل على تصريح دخول من الأردنيين.
ويدعي الأردن أن نقل الحجاج من الحدود الإسرائيلية إلى المملكة العربية السعودية يمنح للشركات المحلية بعد إجراء مناقصة من قبل السلطات. ووفقا للأردنيين، هناك رقابة خاصة على نوعية الخدمات المقدمة للمسافرين، حيث أن أحد الشروط اللازمة للشركات الراغبة في المشاركة في المناقصة هو أن تمتلك أسطول حافلات حديثة.
الحجاج الذين سافروا عبر الأردن في الماضي، تحدثوا عن الرحلة الشاقة التي قد تستغرق ما يصل إلى 30 ساعة بالحافلة، وعن “الحيل” التي يستخدمها الأردنيون للحصول على بضعة دنانير من الإسرائيليين. فعلى سبيل المثال، في ساعات المساء، قد يقال للمسافرين إن حافلتهم قد انهارت أو إن هناك مشاكل على الحدود، وإن عليهم قضاء الليل في العاصمة عمان.
وقد تسبب احتكار الأردني على الحج في عدة مناسبات في إثارة الذعر في الوسط العربي. حيث درست لجنة التحقيق في لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل قضية في عام 2011 ووصلت إلى استنتاج غريبن وهو أنه لا توجد أي وثيقة قانونية في المحضر تحدد دور الأردن في تنظيم ترتيبات السفر للحج لعرب إسرائيل .
توقيت القرار الجديد الذي سمح للعرب الإسرائيليين بالسفر مباشرة إلى السعودية لم يكن من قبيل المصادفة، بل إنه يعكس الواقع المتغير في الشرق الأوسط، حيث تشترك الدول العربية المعتدلة –وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية- في المصالح مع إسرائيل على الجبهة الجيوسياسية.