اليمن / نبأ – تغيرت الحكومة في اليمن، وعين مبعوثه في الأمم المتحدة رئيسا لها، الا أن التغييرات التي يشهدها اليمن تعد أكثر استراتيجية من حراك سياسي يحدث تبدلات سطحية في مركّبات المشهد، وذلك عبر أحداثٍ تستكمل خيوطها رسم يمن جديد على صفيح صراعات يتداخل فيها الخارجي بالداخلي.
ومشهد الأحداث في اليمن بات مشهدين، منذ أن أعاد الحراك الجنوبي نشاطه عقب النجاحات التي حققتها حركة أنصار الله (الحوثي) شمالا، حيث لم تكتفِ الحركة الأخيرة بانتصارها في العاصمة صنعاء قبل شهر، بل واصلت تحركها، واستكمل أنصارها السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها على البحر الأحمر.
وبهذه الورقة التي يصفها محللون بأنها “الورقة الإستراتجية” التي باتت في حوزة جماعة أنصار الله بعد العاصمة، أصبح الحوثيون يملكون منفذا على البحر الأحمر ما يخوّلهم التحكم في حركة ناقلات النفط عند مضيق باب المندب، علماً أن السيطرة على الحديدة غرب اليمن تمت بطريقة هادئة دون قتال يذكر، وبعد ما قيل عن اتفاق أُبرِم مع السلطات المحلية مع الحوثيين.
والى شمال اليمن عند الحدود مع السعودية تداولت وسائل اعلامية أخبارا عن حدوث اشتباكات بين جماعة أنصار الله وحرس الحدود السعودي، وهو ما نفاه لاحقا الناطق الاعلامي لقيادة حرس الحدود السعودي في منطقة جازان، مؤكدا أن ما حدث يقتصر على ملاحقة المهربين والمتسللين عند الحدود، إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة الاشتعال الدائم عند الحدود مع السعودية ولأسباب مختلفة.
وفي المشهد الثاني من الأحداث اليمنية؛ يستمر الحراك الجنوبي في اعتصام مفتوح بدأه بمليونية الحسم في الذكرى الواحدة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني.
الشعاراتُ هنا صارمة في عدم القبول بأيّ حلّ لا يخلص إلى تحقيق الانفصال عن الشمال، وهو المطلب الرئيسي للحراك الجنوبي.
وأمام المشهدين يعود مراقبون بالذاكرة عقودا إلى مرحلةٍ عرف اليمن فيها الانفصال والصراع والحروب الداخلية والتدخلات الخارجية. وأيا يكن مآل الأمور في هذا البلد، وفي ظلّ الترقب المتواصل، فإن أحداث هذا العام ستترك بلاريب بصماتٍ عميقة في مستقبل اليمن وعلى خرائطه السياسية والأمنية، من غير أن تكون جغرافيا اليمن بمنأى عن التداعيات التي تتقاطر عليه من كلّ اتجاه.