السعودية / نبأ – صاخبٌ هو رد الفعل السعودي الرسمي على حادثة الإحساء الدامية، مسؤولون ومشائخ وأكاديميون أبى كل منهم إلا أن تكون له بصمته في سجل الإدانة، وزير الداخلية محمد بن نايف وأمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف أكثر من استرقا الأضواء الإعلامية، الرجلان زارا بنفسيهما ذوي الشهداء وقدما واجب العزاء بالأصالة لا بالنيابة، ولم يكتف المسؤولان السعوديان بذلك، بل عرجا بشخصيهما على الجرحى الراقدين في المستشفيات واطمأنا إلى سلامتهم وصحتهم.
أيدي أنجال نايف تشد على أيدي المكلومين وأفواههم تقبل رؤوس الأطفال المفزوعين وعيونهم تتطلع إلى تهدئة خواطر الثكالى، والأهم أن مواقفهم في استقباح الأعمال الإرهابية والتهجم على المتورطين فيها تكاد تهز الوجدان الإنساني والوطني، وجدان لا يمكن له إلا أن يضطرب تأثرا وتفاعلا مع ما أسهبت السلطات السعودية وأبواقها في تدبيجه وإخراجه على نحو يليق بصورة الرياض.
حادثة الإحساء جرم آثم يستهدف بوحشيته وسطية الدين الإسلامي وقيم التسامح والتعايش في المملكة، جريمة الدالوة عمل إجرامي وانتهاك لحرمة الأنفس المعصومة وإثارة للفتنة وإفساد في الأرض، ما شهدته البلدة الشرقية ليل العاشر من محرم عمل جبان غايته النيل من المملكة وشعبها من قبل جهات خارجية تعادينا على الدوام، القصد من فعل القتل الذي استهدف الإحساء ترويع الآمنين وزعزعة الأمن وتفريق لحمة المجتمع وهدم أساس الدين، مرتكبو ذلك الفعل أصحاب نفوس مريضة وشريرة وخبيثة ومنحرفة ومتطرفة ومجرمة لا تحرم حراما ولا تدين بدين.
هذا غيض من فيض ما سطره الوزراء ورجال الدين ومدراء الجامعات والوكلاء والأمراء وأعضاء مراكز المناصحة عقب الهجوم الذي استهدف مجالس العزاء في بلدة الدالوة، إلا أن مراقبين يضعون هذه الردود في إطار الإلتفاف وبشكل فاضح على أس المشكلة وتبرئة الجناحين السياسي والديني في المملكة من خطيئة تغذية الإرهاب والتحريض عليه وحماية أربابه.
لا يتردّد متابعون في وصف المواقف الرسمية على جريمة الإحساء، بأنها كانت مجرّد حفلة للتلميع، وأشبه ما تكون بمراسم للهروب. إلا أن هذه المواقف لا تقتصر على الإسراف في الحركات والكلمات الطنانة الرنانة، بل إن بيانات وزارة الداخلية نفسها لم تخل من محاولات تجميل وفرار أعوج. هكذا وفي زمن قياسي للغاية أعلنت السلطات الملكية القبض على خلية المجرمين من رأسها حتى أخمص قدميها، وقالت إن هذه الخلية تعود بجذورها إلى تنظيم القاعدة.
إعلانات وأقوال يسعى النظام السعودي من خلالها إلى التقليل من الخطر الداعشي المحدق بالمملكة والرد على كل من حذر آل سعود من مغبة الإفراط في دعم الجماعات التكفيرية. بتعبير آخر، تريد الرياض القول إن نيران داعش لن تطال الثوب السعودي والخليجي عموما حتى لو كانت كل المؤشرات الميدانية والسياسية تصب في صالح هذا النوع من السناريوهات. لكن وعلى فرض أن منفذي هجوم الأحساء هم عناصر حقيقية في تنظيم القاعدة ولم يدخلوا المملكة إلا تسللا من خارج الحدود، فهل في ذلك ما يقلص حجم التهديدات المحدقة ببلاد الحرمين؟ حتما لا.
وإلى جانب تلك الطقوس الوقائية الدعائية، لم يغفل المسؤولون السعوديون عن انتهاز فرصة جريان الدماء لتصوير الحيثيات السياسية في المنطقة الشرقية على غير حقيقتها، بالزيارات المكثفة والمواقف التوددية الإسترضائية سعى حكام المملكة في تصوير الإجحاف بحق أهالي الشرقية بصورة الدعايات المغرضة، نحن هنا بين أهلينا، شهداؤهم شهداؤنا وألمهم ألمنا، قلوبنا معهم وعزاؤنا لهم وعيننا ساهرة على تأمين حقوقهم وخدمتهم ليل نهار، فنحن معهم ومنهم وإليهم كما قال سعود بن نايف بن عبد العزيز.
يسرف المسؤولون السعوديون في قلب الحقائق وركس الوقائع والإنقضاض على التاريخ، نظرة بسيطة إلى سجلاتهم كفيلة بفضح عمليات الإقصاء والتمييز العنصري والقمع الممنهج المرتكبة بحق أهالي المنطقة الشرقية.
*دعاء سويدان