السعودية/ نبأ (خاص)- زحفاً على الأقدام، ومن كلّ الجهات والبلدات والمناطق. جاؤوا إلى موكب الشّهداء، يزحفون وليس عليهم إلا سيماءُ التفجُّع واللّهفة لملامسةِ رائحةَ الشّهداءِ الذين ارتقوا إلى أعلى السّماءِ في ليلة العاشر من المحرّم. زحفوا إليهم، وليس على ألسنتهم إلا “لبيك يا حسين”، وأيديهم تلطم على الصّدور المفجوعة، لعلّهم يستذكرون تلك اللّيلة الأخيرة التي ودّع فيها الشهداءَ الدّنيا، وهم يواسون الإمام الحسين في ليلة وداعه لأهله.
يزحفون ويلطمون ويهتفون بالهتافاتِ التي أغضب الإرهابيين التكفييريين، وحرّكت غرائزهم وتوجّهوا إلى حسينيّة المصطفى ليفعلوا فعلتهم الشّنيعة. الفعلةُ التي طالما جمّلتها لها فتاوى التكفير والتقرّب إلى الله بقتل منْ تصفهم المنابر والمناهج الرّسميّة بالمشركين وأصحاب البدع.
يزحفون وعلى رؤوسهم صورُ الشّهداء، ورايات الحسين، وألسنتهم تستذكر الشهداء الفتيان، وصورة الشهيد الفتي محمد البصراوي الذي تراءى له القوم وهم آتون لارتكاب الجريمة.
إلا أنّ قيم الشهادة التي تعلّمها المشيّعون من عاشوراء كانت أقوى من لعبة الموت والفتنة التي أرادها مدبّرو الجريمة ومنْ وراءهم. وأصرّ المشيعون على تمزيق الفتنةِ، رغم معاناة التمييز والتكفير والخطاب الطائفيّ
سكن الشّهداءُ في روضاتهم. نزلت أجسادهم تحت الأرض، ولكنها اعتلت على الأكتافِ، ومعها علت أرواحهم التي هزمت نظام التكفير ومشائخ الموت الهجمي.
شُيّعوا ب”لبيك يا حسين”، وبأعلام الوفاء والولاء للرّايات الحسينيّة التي نُصبت فوق الجبال، وتحرّكت بين مواكب التشييع المتدفّقة من كلّ مكان.
وكان لصدى الشهداءِ حضورٌ في موكب الأشبالِ الذين هتفوا “ما نسيتك”.. ما نسيتك يا حسين.. ما نسيتك يا محمد البصراوي.. ومعها تأكيدٌ عريضٌ آخر: ما نسيتك أيها الإرهابيّ الكبير الذي يتستّر وراء الجبال…