البحرين / نبأ – بدأت السلطات البحرينية مراسم الإنتخابات النيابية والبلدية التي تنظمها في البلاد والخارج على الرغم من مقاطعة شرائح شعبية واسعة لها.
وفيما يراهن النظام البحريني على إنجاح هذا الإستحقاق إعلاميا أو محاولات إنجاحه في الحد الأدنى، تأمل المعارضة أن تسهم مقاطعتها في سحب البساط من تحت قدمي النظام وتعريته أمام الرأي العام العالمي.
22 من نوفمبر، موعد ضربته السلطات البحرينية لإجراء انتخابات نيابية وبلدية تعتبرها ديمقراطية وتشاركية، الخطوات التمهيدية للإنتخابات بدأت، حوالي 29 بعثة بحرينية في الخارج فتحت أبوابها أمام المقترعين، النتيجة الجزئية والكلية ستظهر الحجم الحقيقي للمعارضة وضآلة شعبيتها بحسب ما تقول الأوساط المقربة من النظام.
تبدو السلطات البحرينية في مسعى حقيقي وجاد ومستميت لتصدير هذه النتيجة إعلاميا، بمختلف الوسائل والأساليب يجتهد رجالات النظام في إنجاح الإستحقاق وضرب المعارضة من خلاله، حملات القمع الأمني والتحريض الإعلامي والتزوير القانوني والتعبئة البيتية شكلت وما تزال رأس حربة الهجوم السلطوي، وقوات النظام ضاعفت في الآونة الأخيرة اعتداءاتها على المواطنين والنشطاء نساء ورجالا، اعتداءات استهدفت على نحو صريح ومفضوح ترهيب الناس وتخويفهم بعصا الأمر الواقع.
أرادت السلطات أن تقول للجماهير: إنه لا خيارا ثالثا أمامكم، إما انتخابات أعطبت مفاهيمها وتشوهت ماهيتها، وإما اعتقال وتعذيب ومحاكمات تقفز على أية سيرورة منطقية.
وعلى المستوى الإعلامي لا يظهر الحال مختلفا بتاتا، حملات مكثفة ومنظمة عملت على تقسيم الشعب البحريني إلى فئات معرفة بمذاهبها، كما عملت على تطييف المعارضة وتشويه صورتها وإظهارها بمظهر الرافض للديناميات السياسية والمظاهر الديمقراطية، وفي محاولة لزجر المقاطعين وتلبس لبوس الديمقراطيات العريقة، لوحت المنابر التابعة للسلطة بإجراءات الحرمان من الحقوق المدنية والرواتب والوظائف، متذرعة بالقول إن الأنظمة الديمقراطية العالمية تسجن وتغرم مقاطعي الإنتخابات.
العسف نفسه تمظهر في المجال القانوني، هنا لم يعد النظام وسيلة لتكثير الأصوات ورفع نسبة المقترعين إلا انتهجها، دعوته المعتقلين والأموات للإدلاء بأصواتهم نموذج سافر من تلك المخالفات التي ترافقت مع تعبئة داخلية محمومة في الأروقة السياسية والعسكرية، منتسبو السلك العسكري أول المطلوبين وأبرزهم، على أوراقهم ينصب الرهان السلطوي وعبر بصماتهم يريد النظام شرعنة وجوده، وهي شرعنة يرى أتباع السلطة أن من حقهم التشدق بها، نجل الملك ناصر بن حمد مصداق حي على هؤلاء، الرجل المتورط في تعذيب محتجين بحرينيين كانوا يطالبون بالديمقراطية يدعو الناس إلى ممارسة حقهم الدستوري في الإنتخابات النيابية، هكذا يكرس النظام في البحرين الحقائق وهكذا يكدح إلى ورقة تشريعية تستر فضائحه المتتالية.
على الرغم من هجوم السلطات البحرينيّة الممنهج، والمكثف، إلا أن المعارضة تبدو واثقةً من نفسها، ولا تزال مصرِّة على مواقفها المعلنة، كما أنّها تُبدي استخفافاً بالانتهاكات التي تقوم بها السلطات وترى بأنها تمثّل نموذجاً للفضائح التي تتلبّس بالسلطات، وهي فضائح لن تنطمس، بحسب المعارضة، مهما تكاثرت أوراق التوت.
المعارضة البحرينيّة أعلنت منذ وقت مبكر مقاطعتها الإنتخابات، بالنسبة إليها لا فائدة من المشاركة في استحقاق صوري تتستر خلفه عمليات السجن والتعذيب وهدم المساجد واستباحة الكرامة، خطوة من هذا النوع لن تفلح إلا في دمغ النظام البحريني بالشرعية وإضفاء الطابع الدستوري القانوني على انتهاكاته المتمادية كما يقول المعارضون. وعليه فلا تراجع عن قرار المقاطعة التي تأمل الأحزاب والحركات والجمعيات المعارضة أن تشكل عاملا حاسما في تظهير هزل السلطات وعمق الهوة بينها وبين المواطنين.
وإلى جانب مراهنتهم على فشل الإنتخابات يعول المعارضون البحرينيون على نجاح الإستفتاء الموازي، في خطتهم السياسية والعملياتية مسعى واضح نحو تشكيل فسيفساء ميدانية متناقضة تجمع النظام وخصومه، إستخدامهم كلمة الموازي لم يأت عبثا أو من فراغ، يوما 21 و 22 من نوفمبر سيخرجان الفرق بين انتخابات نظامية تجندت لها رؤوس الأموال والأسلحة متعددة الجنسيات، وبين استفتاء محلي لا يتسلح منظموه إلا بما يتوفر لهم من أدوات وما تجترحه مخيلتهم من آليات وبأنفاسِ السّكان الأصليين فقط… فهل تنجح المعارضة البحرينية في رهانها هذا؟
حتى الآن تظهر خطط المعارضين واستراتيجياتهم ذات فاعلية جذابة وخاصة وعابرة للمساحات، غداً الجمعة والسبت المقبلان سيكونان الزمن الفصل، حيث تتطلع المعارضة ومعها قواعدها الشعبية إلى جعله نقلة نوعية تعري النظام وتدفع المجتمع الدولي إلى رؤية أكثر براغماتية وإنصافا حيال الأوضاع في البحرين.
خاص _ دعاء سويدان