السعودية/ نبأ- قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية تضيف عنصرا جديدا إلى الأجواء المضطربة في منطقة الشرق الأوسط، التي تمزقها الصراعات القائمة بين الكتلة السنية المحافظة التي تقودها المملكة العربية السعودية ونظيرتها الشيعية التي تتزعمها إيران.
وذكرت في تقرير لها نشرته، الخميس، أن انخفاض أسعار النفط الذي أعقب قرار منظمة الدول المنتجة للنفط (أوبك)، الخميس الماضي، بعدم تقليص مستويات إنتاجها من الذهب الأسود قد أضر بمصالح كل القوى النفطية في المنطقة.
وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي لم يخلف فيه مثل هذا القرار أي تأثير على قوى بعينها، فإنه ينذر بكارثة اقتصادية محتملة لآخرين.
وأوضحت أن المملكة العربية السعودية وأقرانها في منطقة الخليج – الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر – يمتلكون أموالا طائلة لا حصر لها وبوسعهم تجاوز التراجع في أسعار النفط لسنوات قليلة، ما لم تهبط الأسعار إلى ما هو أدنى من مستوياتها الحالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن ثمة حلفاء إستراتيجيين للسعودية – مصر وباكستان – سوف يستفيدون على الأرجح من مساهمة أسعار النفط المنخفضة في تحفيز اقتصادياتهم.
لكن بالنسبة لإيران التي يعاني اقتصادها بالفعل من العقوبات الدولية المفروضة عليه بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، يضيف الهبوط الحاد في أسعار النفط إلى آلامها، إذ إنه يجعل خططها الإقليمية الطموحة أكثر تكلفة.
ونسبت الصحيفة لرياض قهوجي، الرئيس التنفيذي لمعهد الشرق الأدنى والتحليلات العسكرية الخليجية الذي يتخذ من دبي مقرا له، قوله: "على ما يبدو أن الدول الأعضاء في أوبك لا يفكرون في مسألة انخفاض أسعار النفط، فهم يرونه كجزء من الضغوط التي تُمارس على إيران التي تخوض حربا باردة في المنطقة جنبا إلى جنب مع العديد من الصراعات في المنطقة."
واستطردت بأن السعودية، أكبر المنتجين في أوبك، كانت هي الضالع الأساسي في عدم المساس بمستويات الإنتاج المستهدفة، مبررة ذلك بأن خفض تلك المستويات سوف يمهد الطريق أمام رفع الأسعار، حيث إن أي تراجع في الإمدادات سوف يتم تعويضه سريعا بالنفط الذي تنتجه الدول غير الأعضاء في أوبك، مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى إيران التي تتصارع مع حلفاء المملكة العربية السعودية في مسارح الأحداث من اليمن والبحرين إلى سوريا ولبنان، قد دفعت باتجاه خفض أوبك لمستويات إنتاجها من النفط، ما جعلها تنتقد المنظمة على قرارها الرافض لخفض الإنتاج.
وقالت الصحيفة إن المدى الذي سيقود خلاله هذا التحول في ميزان القوى المالية في الشرق الأوسط إلى تغييرات في السياسة هو سؤال مفتوح، مفسرة ذلك بأن المنطقة ليست جزءا من العالم، حيث تتحكم المصلحة الذاتية الاقتصادية في قرارات السياسة الخارجية.
وأردفت أن أسعار النفط المنخفضة لن تغير بالضرورة من سلوكيات الأنظمة التي تدرك أن بقاءها على المحك، وأوردت مثالا على ذلك، وهو دعم طهران لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وقوى سنية معتدلة يدعمها الغرب والدول الخليجية.
وقد استمر هذا الدعم دون هوادة في العامين 2011 و 2012، حتى على الرغم من أن معاناة الاقتصاد الإيراني تحت وطأة العقوبات الدولية في هذه الفترة. وثمة عملاء آخرون لإيران في المنطقة، مثل حركتي حماس والجهاد الإسلامية في فلسطين وحزب الله في لبنان، لا يحتاجون في الواقع مساعدات نقدية كبيرة من طهران.
من جهته، قال علي فايز، الخبير الإيراني في " مجموعة الأزمات الدولية International Crisis Group: إننا نمر بموقف ديناميكي لا تمليه بالضرورة الاقتصاديات، ولكن يمليه العامل الجيوسياسي في الغالب."
وتابع: "المبدأ في أن إيران لن تدع أقرب حليف لها في العالم العربي ينهار، وما يتبع ذلك من تأسيس دائرة تطرف سنية في وسط لبنان والعراق، هو مبدأ مستقل تماما عن الموقف الاقتصادي."
وبالحديث عن داعش التي تقوم بتهريب النفط من الحقول التي تسيطر عليها، فإن انخفاض أسعار النفط العالمية سوف تقود إلى تراجع إيراداتها من هذا المصدر الأساسي الذي تعتمد عليه بصورة أكبر في تمويل أنشطتها الإرهابية.
وفي هذا الصدد، رأى أندرياس كريج، الخبير في كلية " كينجز كوليدج لندن" أنه سيكون من الصعب جدا لداعش أن تبيع النفط إلى الأتراك أو الأكراد نظرا لأنهم، وفقا لهذه الأسعار، سيكونون أقل استعدادا للمخاطرة.