الحملة الاستباقية التي نفذتها وحدات من الأمن العام والجيش اللبناني فاجأت الإرهابيين التكفيريين غروب أمس في فندق «دو روي» الواقع علي بعد نحو مئة متر عن السفارة السعويدة والقريب من مبني تلفزيون «المستقبل» التابعة لتيار «المستقبل» برئاسة النائب سعد الحريري في منطقة الروشة في غرب بيروت، وأفشلت مخططهم الإرهابي.
وأفاد تقرير للوكالة الإيرانية للأنباء (إرنا) أن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق والمدير العام للأمن العام الواء عباس إبراهيم أكدا هوية الإرهابيين السعوديين «عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الرحمن الحميقي» و«علي بن ابراهيم بن علي السويني»، وإرهابي سعودي ثالث، وهو ما أيدته السفارة السعودية في لبنان أيضًا.
التحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية اللبنانية أظهرت أن هؤلاء الإرهابيين السعوديين ينتمون لتنظيم «داعش» وقد قدموا إلي لبنان مع آخرين من جنسيات سعودية وأردنية وسورية قبل أكثر من أسبوع بهدف ارتكاب جرائم تفجير انتحارية ضد أهداف محددة لم يعلن عنها أو لم تتوصل التحقيقات إلي تحديدها.
غروب أمس وبناءً علي معلومات استخباراتية نفذت قوة من الأمن العام اللبناني عملية مداهمة في فندق «دو روي» في منطقة الروشة لاعتقال الإرهابيين المقيمين هناك إلا أن أحدهم وهو «عبد الرحمن الحميقي» أقدم علي تفجير حزام ناسف كان يرتديه ما ادي إلي مقتله وتناثر جثته أشلاءً وإصابة ۴ من عناصر القوة المداهمة بجروح، وإصابة ۳ مدنيين آخرين بجروح متوسطة. إلا أن ذلك لم يمنع القوة من مواصلة عملية الدهم واعتقال أحد الإرهابيين وهو «علي السويني» الذي أصيب بحروق غير خطيرة.
وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق أعلن في تصريح تعقيبًا علي التفجير الإرهابي الجديد أن «اللبنانيين سينتصرون علي الارهاب»، معتبرًا أن «ما يحصل هو حرب بين كل اللبنانيين والارهاب».
ولفت من امام مبني موقع التفجير في الروشة الي ان «الاجراءات الامنية التي تتخذ تمنع الانتحاريين من تنفيذ عملياتهم، وهذا امر كبير يجب تقديره للأجهزة الامنية اللبنانية كلها من دون استثناء».
وأكد المشنوق أن الانتحاري في الروشة كان ينوي تفجير نفسه في مكان آخر ولكن العملية الاستباقية التي قام بها الأمن العام دفعته إلي تفجير نفسه في داخل الفندق.
واعتبر أن «التفجيرات الثلاثة التي حصلت في كل من ضهر البيدر والطيونة والروشة اثبتت جهوزية الاجهزة الامنية التي حمت المدنيين من هذه التفجيرات». مؤكدًا أن الاجراءات الأمنية التي تتخذ القوي الأمنية والجيش تمنع الانتحاريين من الوصول إلي أهدفهم.
وأكد وزير الداخلية اللبناني هوية الانتحاريين السعوديين لافتًا إلي أن أحدهما قتل في العملية الانتحارية فيما أصيب الآخر بجروح .
صحيفة «الأخبار» اللبنانية أكدت في تقرير لها اليوم الخميس أن التطورات الكثيرة التي حصلت في لبنان وسوريا والعراق، «شجعت الجهات المشغّلة للانتحاريين علي الشروع في خطط جديدة، يبدو ان قسماً كبيراً منها اعدّ علي عجل، واحتاج الي عناصر دعم بشرية من خارج الساحة اللبنانية».
ولاحظت جهات متابعة انه مع انتقال عمليات الحدود اللبنانية ــــ السورية الي مرحلة «التنظيف» من حشود المسلحين الفارين من معارك مدن القلمون وبلداته، بادرت قوي ناشطة بين مسلحي سوريا الي اعادة تنظيم امورها، بطريقة تأخذ في الاعتبار انقطاع غالبية طرق التواصل البري بين سوريا ولبنان، وتتفادي جملة من الإجراءات الامنية والعسكرية التي قام بها الجيش اللبناني في اكثر من منطقة، ولا سيما في المناطق الحدودية بقاعاً وشمالاً.
ونقلت الصحيفة عن هذه الجهات، قولها : «إن أمر العمليات بشن مجموعة جديدة من الهجمات في لبنان، انطلق من ضرورة مواجهة النجاحات الامنية والعسكرية لحزب الله والقوي العسكرية والامنية اللبنانية. لكن ثُغَراً عملية بدت واضحة، من خلال الحاجة الي عناصر بشرية تختلف عن تلك التي استخدمت سابقاً. وهو ما دفع المشغلين في الخارج الي مدّ مجموعات لبنان بعناصر بشرية جاءت من الخارج، وتوزعت في الانتشار بحسب خطة امنية تجعلها غير مترابطة، وتتيح لها التفلت من المراقبة».
وأضافت الجهات نفسها: «إن المراقبة التقنية التي تقودها جهات استخبارية عالمية، اتاحت الحصول علي معلومات يمكن اعتبارها كافية لإطلاق عملية التعقب من جانب لبنان، وهو ما حصل وأدي الي اعلان الاستنفار الامني، بعد قرار هذه المجموعات توجيه ضربات الي الاجهزة الامنية، وليس فقط الي مناطق تعتبر مناطق نفوذ لحزب الله».
ولا تنفي الجهات وجود تعاون جدي من قبل الاجهزة الامنية الغربية، لكنها تعزو هذه الحماسة الي أنّ هذه الأجهزة انطلقت قبل مدة في عملية تعقب، لاعتقال وتوقيف «جهاديين عائدين» الي هذه الدول، الامر الذي ترافق مع توجه واضح لدي القوي التكفيرية التي تقف خلف هؤلاء، ولا سيما «داعش» واخواتها، بتوسيع نطاق العمل خارج الساحة السورية، والاستفادة من العناصر العائدة الي بلادها لتوفير خدمات حيث تقيم.
وقدرت الجهات المعنية ان سعي المجموعات الارهابية الي تنفيذ عدد غير قليل من العمليات الارهابية في لبنان، يستهدف ايضاً الاستفادة من زخم التعبئة المذهبية المرافق للحرب في سوريا، الذي تعزز بعد الاحداث الاخيرة في العراق، وأن لبنان يمثل ساحة مناسبة، وخصوصاً ان القوي الاسلامية تعلن بصورة دائمة انها في حالة قهر، ما يجعل قواعدها عناصر محتملة للمشاركة في هذه الاعمال، ويسمح كذلك باستخدام البيئة الخاصة بهذه الجماعات للقيام بعمليات لوجستية ضرورية.
وتلفت الجهات الي انه لا يمكن الجزم، حتي اللحظة، بتكون صورة واضحة وشاملة، وان المعلومات والتحقيقات لم تكشف المستور حول نقاط عدة حساسة، ابرزها امكنة الإعداد للانتحاريين وادواتهم، من سيارات واحزمة ناسفة، ولا الي الشبكة التي تدير هذه الشبكة العنقودية. لكن الجهات نفسها تلفت الي ارتباك واضح في عمل هذه المجموعات، ما يدل علي ان هناك من يريد لها القيام بعمليات في وقت معين، وضد اهداف معينة، وهذا ما ساعد علي كشف بعض الارهابيين، او تعطيل بعض اعمالها.
ومن المفيد في هذا السياق الاشارة الي ان مستوي التنسيق والتعاون بين الاجهزة الامنية المختلفة، يعكس حالة سياسية مختلفة بصورة كبيرة عن السابق. مع الاشارة الي ان جهاز الامن العام، يثبت حضوراً قوياً وجدياً، علماً أن قيادات رئيسية في هذه الجهاز صارت هدفاً مقرراً لهذه المجموعات.
ورجحت معلومات أمنية ضلوع كل من تنظيمي ما يسمي بـ«كتائب عبدالله عزام» و«داعش»، وأن هناك «أمر عمليات» يقف خلف اندفاع هذه المجموعات واستقدام انتحاريين من الخارج لتنفيذ عمليات أمنية ضد أهداف مدنية.
وكشفت صحيفة «السفير» عن أن الأمن العام بدأ برصد خلية «دو روي» ـ الروشة الإرهابية المؤلفة من ۳ عناصر(سعوديان في العقد الثاني من العمر هما علي بن ابراهيم بن علي السويني وعبد الرحمن بن ناصر بن عبد الرحمن الشقيفي وشخص ثالث) علي مدي أسبوع كامل وتمكن من جمع ملف أمني كامل يؤكّد علاقتهم بتنظيم «داعش».
وأكدت أن الخليّة، تلقت أمس، أمراً بتنفيذ هجوم انتحاري مزدوج عبر تفجير انتحاريين مجهّزين بأحزمة ناسفة نفسيهما داخل أحد أكبر المطاعم في بيروت (ومن ضمنه فندق كبير) خلال وقت الذروة ووجود أكبر عدد من مرتادي المطعم، أي خلال متابعة مشاهدة إحدي مباريات «المونديال».