حقوقيون لـ”شؤون خليجية”: الادعاء بـ”فندقية” سجون السعودية تضليل وتواطؤ مع السلطات

السعودية / نبأ – استنكر حقوقيون التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمعية الوطنية السعودية لحقوق الإنسان، د. مفلح القحطاني, بأن “سجون المباحث العامة في السعودية تقترب من خدمات الفنادق الفخمة”، مؤكدين أن تلك التصريحات “تثبت تواطؤه مع السلطات السعودية، ويراد بها التضليل وطمس الحقائق”.

وأجمعوا في تصريحات لمجلة “شؤون خليجية” على ضرورة أن يكون دور القحطاني وجمعيته عونا للمعتقلين، وليس “تبرير قباحات جهاز المباحث ووزارة الداخلية”، مؤكدين أن الخدمات التي يتم التشدق بها بأنها “فندقية” تستخدم للضغط على السجناء وتعذيبهم.

وتساءل يحيى عسيري – رئيس منظمة القسط لحقوق الإنسان – في حديثة للمجلة: “لماذا لا يسمحون بزيارة السجون من قبل المنظمات المستقلة؟ إذا كانت الخدمات فندقية”.

وأوضح أن الانتهاك الأول يقع في الاعتقال التعسفي، ودون محاكمة أو محاكمات تفتقد شروط العدالة، وأشار “عسيري” إلى أن الإعلام غير مستقل، وانتقاء شخصيات محددة لزيارة السجون ومنع غيرها، دليل قاطع على وجود أمر تخفيه إدارة المباحث، مؤكدا أن تصريحات رئيس الهيئة -مفلح القحطاني- تثبت تواطؤه مع شديد الأسف وعدم جدية الهيئة.

واختتم قائلا: “نقول بوضوح: من لا ينتهك لن يمنع المستقلين من متابعة الوضع وزيارة السجون، لعدم وجود ما يخشى رؤيته”.

وبدوره, عقب علي الدبيسي – رئيس المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان – على تصريحات القحطاني قائلاً: “إنها تحمل إصرارا من قبل الحكومة السعودية على الحديث عن أوضاع السجون من طرف واحد، وهو طرف الحكومة، في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني المستقلة”، مشيرا إلى أن من يتكلم عن المباحث هم مؤسسات تابعة للدولة.

أكد “الدبيسي” أن الحديث عن الخدمات الفندقية الغرض منه التضليل والتغطية على الانتهاكات الحقيقة المستمرة التي تتم بشكل يومي, قائلاً: إن كانت هذه الانتهاكات غير موجودة فلتفتح الحكومة السجون للإعلام، وللمقررين الخاصين، وللمجتمع المدني المستقل, وإن كانت الحقيقة مثل ما يقولها فإن ذلك سيعزز الرواية الرسمية من خلال شواهد أهلية مستقلة تتفق مع الرواية الرسمية.

وأكد الدبيسي أن هذه التصريحات ستنسجم مع إرادة الدولة في الحديث عن حالة السجون، وأوضح أن الحكومة السعودية لا تسمح أيضا بإنشاء مؤسسات مجتمع مدني في المملكة، وهذا يدل على أن هناك محاولة لإيجاد رؤية واحدة فقط، وهي رؤية الحكومة، وهو ما يشككنا في الرواية الرسمية.

وقال: “نحن متأكدون من طبيعة السجون بالمملكة السعودية, فبعض الناشطين اليوم هم ممن سُجن في هذه السجون ورأى فيها ما رأى، وتصلنا بشكل مستمر شكاوى لما يحدث للسجناء، والأحداث التي تحصل لهم، وما يلاقونه من تعذيب وتضييق، وبالتالي نحن نعرف الحقيقة”.

ولفت إلى أن الحكومة السعودية تستخدم من خلال إعلامها ومؤسساتها عدة أنشطة لكي تغير حقيقة ما تشهده سجون المباحث بالمملكة, ولكن ذلك لن يغير من الحقيقة شيء.

وتحدث “الدبيسي” عن أن هناك جانبين يتم الحديث عنهما لتقييم حقيقية سجون المباحث, الأول جانب الخدمات مثل “الطعام وغسيل الملابس ووجود مرافق وعلاج.. إلى آخره” وهذه نعم موجودة.

أما الجانب الثاني, فأوضح أنه متعلق بمعاملة السجناء وفقا للتهم، والتحقيق والتعذيب والمحاكمات.. إلى آخره من مسائل تهم السجين بالدرجة الأولى, قائلا إن السجين لا يهمه شيء عندما يجد التعذيب والتهم الملفقة والسجن بغير حق والمحاكمات الجائرة والمعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.

ومن جانبه, قال حسن العمري – رئيس منظمة ديوان المظالم الأهلي بجنيف -: إن ما أدلى به مفلح القحطاني -رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان – بأن أوضاع السجناء داخل سجون المباحث العامة في المملكة خدماتها ضيافة فندقية فخمة، مجانب للحقيقة.

وأبدى – في تصريحات لـ”شؤون خليجية” – استغرابه من صدور مثل هذا التصريح من رئيس جمعية حقوق إنسان أهلية غير حكومية، مستشهدا بشهادة أحد معتقلي جهاز المباحث العامة في المملكة العربية السعودية، والذي قضى شهوراً في إحدى زنازين سجونها (سجن ذهبان), حيث قال: “أستطيع أن أؤكد أن المباني التي سلمتها شركة المقاولات الأجنبية لتلك السجون كانت مصممة على أحدث الطرق، ليس لأجل راحة النزلاء بل لأجل جعل حياتهم أكثر بؤساً”.

وتساءل “العمري”: “عن أي شفافية ومعالجة ورعاية صحية يتحدث رئيس الجمعية الوطنية، وعن أي غذاء يتحدث وكل يوم تأتيك وجبة بمعايير مختلفة، ليس من تنوع الأصناف، بل لحجم وفداحة التلاعب بمزودي التغذية والتموين!!!!، فأحيانا تكون الوجبة معقولة وأيام عديدة في غاية السوء والرداءة”.

وأضاف: “نقول لرئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان: ليس مطلوبا منكم تبرير قباحات جهاز المباحث العامة ووزارة الداخلية، فليس هذا من مهام جمعيتكم الأهلية، وليس من العدل والنظام، وقبل هذا ليس من الشريعة السمحاء التزلف للمسؤولين والسلاطين، وليست المسألة في مدى كون هذا الاعتقال في ضيافة من نوع خمسة نجوم أم لا!!! بل من نوع لماذا الاعتقال؟ ولماذا التعسف؟ ولماذا سجون المباحث سرية وخارج القانون؟ ولماذا لا تخضع لرقابة القضاء؟ ولا يسمح للجمعيات والهيئات الدولية لحقوق الإنسان بزيارتها إلا في جولات فولكلورية استعراضية، يصفها سعادتكم بأنها ضيافات من نوع خمسة نجوم؟!”.

واستطرد “العمري”: “أخيرًا الجميع يعلم قذارة وانحطاط سجون المباحث وقذارة القائمين عليها، وعن التعذيب والحط من الكرامة الإنسانية.. وكان يجب عليكم كجمعية أهلية أن تنظروا من زاوية حقوق الإنسان وفي فلسفة العقاب ومدى فعالية المعاقبة بالسجن لعشرات السنين دون محاكمات ولو كانت صورية، من قضاء مستتبع للداخلية”.