“التحالف” يسعى لعرقلة حركة الملاحة عبر باب المندب لشرعنة أي عدوان البري وبحري

اليمن / نبأ – تسلم الجيش اليمني واللجان الشعبية حماية مضيق باب المندب الإستراتيجي المطل على البحر الأحمر من اللواء 17، المكلف من قبل وزارة الدفاع اليمنية بحماية المضيق.

وأشارت مصادر يمنية إلى أن الجيش واللجان الشعبية انتشروا في اللواء بشكل كامل، وذكرت أن اللواء 17 مشاة المرابط في منطقة باب المندب الاستراتيجي تم تسليمه للجيش واللجان الشعبية، الذين تمكنوا من الدخول كذلك على مواقع عسكرية ومخازن السلاح التابعة للواء.

وأضافت المصادر أن هناك انتشارا للجيش خارج مواقع اللواء وعلى امتداد الخط الساحلي بين ميناء المخاء في محافظة تعز وباب المندب.

ويتعرّض مضيق باب المندب لمطامع الجماعات المسلحة، ففي العام 2009 هدّد الرجل الثاني في تنظيم القاعدة سعيد الشهري، بالسيطرة على مضيق باب المندب، لضمان تسلل عناصر القاعدة القادمين من الصومال وباكستان، إضافة إلى تهريب السلاح.

وحذرت الولايات المتحدة في آذار الماضي السفن التي تبحر قبالة ساحل اليمن من خطر شن تنظيم القاعدة هجمات مماثلة لتفجير انتحاري تعرضت له المدمرة الأميركية كول عام 2000، ما أدى الى مقتل 17 من جنود البحرية الأميركية في ميناء عدن. وبعد ذلك بعامين، استهدف تنظيم القاعدة ناقلة نفط فرنسية عملاقة في خليج عدن إلى الجنوب من باب المندب، حسبما أشارت رويترز في تقرير سابق.

لكن اليمن تساوره مخاوف أعمق بشأن الأمن قبالة ساحله بعدما دعا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي يتخذ من البلاد مقراً له، إلى فرض حصار على المضيق الذي يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذي تمرّ منه كل عام 25 ألف سفينة تمثّل سبعة في المئة من الملاحة في العالم.

السعودية تسعى إلى عرقلة حركة الملاحة

وبالمقابل، شنت الطائرات السعودية – الأميركية غارات على مراكز عسكرية للجيش اليمن وأماكن مدنية، حيث استشهد 6 أشخاص وأصيب 4 آخرين، جراء استهداف ميناء ميدي، وجسر حرض الواصل بينه وبين منفذ الطوال الحدودي مع السعودية، واستهدف القصف منشآت حكومية بمنفذ الطوال بينها مبنى المواصفات والمقاييس والجمارك.

واستهدف الطيران السعودي – الأمريكي مصنع يماني التابع لشركة إخوان ثابت شرق الحديدة، غرب البلاد.

كما استهدفت الغارات المعادية محطة وقود في منطقة بركان بمديرية رازح، والطريق الواصل بين حرض والمزرق، فيما تصدت المضادات الأرضية لطيران معادي في أحواء العاصمة صنعاء.

واستهدفت الغارات أيضاً معسكر الدفاع الساحلي في منطقة الحديدة غرب البلاد، ومعسكر الدفاع الجوي للجيش في محافظة مأرب، وعلى اللواء 55 ومحطة للمشتقات النفطية في مديرية يريم بمحافظة إب.

وتسعى السعودية وحلفاءها إلى  عرقلة حركة الملاحة عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، وهو ما قد يؤثر بدوره على حركة التجارة العالمية وخاصة النفط.

وتذهب التقديرات إلى أن ما بين 5 إلى 6 % من إنتاج النفط العالمي، أي نحو 4 ملايين طن، تمر يوميا عبر المضيق باتجاه قناة السويس ومنها إلى بقية أنحاء العالم. ويمر عبر المضيق سنويا ما يزيد على 21 ألف سفينة محملة بشتى أنواع البضائع.

وبحسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في عام 2013، بلغت كمية النفط التي عبرت يومياً مضيق باب المندب قرابة 3.8 ملايين برميل من النفط، ما يساوي 6 % من تجارة النفط العالمية.

ويعتبر باب المندب ممرا مائيا استراتيجيا يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، ويشترك في حدوده البحرية مع اليمن كل من أريتريا وجيبوتي.

ويبلغ عرض المضيق نحو 30 كيلومترا بدءا من رأس منهالي في اليمن وصولا إلى رأس سيان في جيبوتي.

وتفصل جزيرة بريم (مَيّون) التابعة لليمن، المضيق إلى قناتين شرقية، وتعرف باسم باب اسكندر عرضها 3 كيلومترات وعمقها 30 مترا، وغربية وتحمل اسم "دقة المايون" بعرض 25 كيلومترا وعمق يصل إلى 310 أمتار، وتوجد بالقرب من الساحل الإفريقي مجموعة جزر الصغيرة يطلق عليها الأشقاء السبعة.

ولليمن أفضلية استراتيجية في السيطرة على المضيق لامتلاكه جزيرة بريم، إلا أن القوى الكبرى عملت على إقامة قواعد عسكرية قرب المضيق، إذ تملك الولايات المتحدة قاعدة في جيبوتي على الضفة الغربية لمضيق باب المندب، وتملك فرنسا أيضاً حضوراً عسكريا قديما في جيبوتي.

الأهمية الاستراتيجية لباب المندب

كانت أهمية باب المندب محدودة حتى حفر قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر ومايليه بالبحر المتوسط. ومنذ ذلك الحين تحول باب المندب إلى أحد أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوربية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا، لا سيما مع ازدياد توريدات النفط الخليجي إلى الأسواق العالمية.

ويسمح عرض وعمق القناة الغربية للمضيق لشتى أنواع السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين.

اليمن وتجارة النفط العالمية

يساهم اليمن في إنتاج النفط عالميا بأقل من 0.2%، لكن موقعه الاستراتيجي يزيد من تأثيره على تجارة النفط. وفي عام 2013، أنتجت اليمن قرابة 133 ألف برميل يوميا، ما وضعها في المركز 39 في قائمة أكبر منتجي النفط عالميا.

وبعد بدء الحملة العسكرية في اليمن، ارتفعت أسعار النفط العالمية أكثر من 5%، لتتراجع بعد ذلك مرة أخرى، لكن المخاوف حول سعي السعودية أو القاعدة لفرض سيطرتها على باب المندب، قد تدفع بسعر النفط إلى الارتفاع في أية لحظة، علما بأن المضيق يشكل "هبة الحياة" بالنسبة لقناة السويس التي تدر على مصر ما يزيد على 5 مليارات دولار سنويا، خاصة وأن أكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس المصرية تمر عبر مضيق باب المندب.

وتقول إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن إغلاق مضيق باب المندب سيحول دون وصول ناقلات النفط من الدول الخليجية إلى قناة السويس وخط "سوميد" لنقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، وستضطر تلك الناقلات إلى الإبحار جنوبا إلى رأس الرجاء الصالح للوصول إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، ما سيزيد أضعافا من تكاليف النقل.

ولن يقتصر تأثير إغلاق المضيق على سوق النفط، فرغم الأهمية القصوى لتجارة النفط عبر المضيق، إلا أنها لا تمثل سوى 16% من إجمالي البضائع التي تمر خلاله وفقا لإحصائيات صادرة عن هيئة قناة السويس المصرية.