سويسرا / نبأ – قال المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير فيصل بن طراد أن المملكة ترى أن المناداة بعالمية حقوق الإنسان لا تعني فرض مباديء وقيم تتعارض مع "قيمنا وديننا الإسلامي"، مؤكداً رفض كل هذه القيم والمباديء، وكذلك رفض استخدامها كوسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول بحجة المطالبة بحماية واحترام حقوق الإنسان، على حد قوله.
وجدد طراد في كلمة المملكة أمام مجلس حقوق الإنسان اليوم الاثنين المطالبة باحترام حق الدول والمجتمعات ومسؤوليتها المباشرة في اختيار النهج والمباديء والقيم التي ارتضاها شعبها خاصة وأنها "تحقق الازدهار والنماء والرخاء لشعوبها" حسب قولة، مشيرا إلى أن السعودية "سجلت على مدى الأعوام الماضية ارتفاعا مضطردا في مستوى النمو الاقتصادي الذي عمت فائدتها كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وفئات الشعب السعودي والمقيمين على أراضيها كافة".
وإعتبر أن المملكة قامت على التمسك بـ"الشريعة الإسلامية"، التي دعت لحفظ حقوق الإنسان وحمايتها، وقيام الحكم في المملكة على أساس العدل والشورى والمساواة، وأن القضاء في مقدمة مؤسسات الدولة المعنية بحماية حقوق الإنسان، حسب زعمه، وأن أنظمة المملكة تنص على استقلال السلطة القضائية بما يكفل تحقيق العدالة والمساواة، وضمان حق التقاضي لجميع المواطنين والمقيمين على أراضيها.
وجددت المملكة مطالبتها المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف "الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة" في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووقف عمليات تهويد القدس وفقا لما يعرف بخطة القدس 2020.
وفي الكلمة التي ألقاها السفير السعودي أمام مجلس حقوق الإنسان الذي افتتح أعمال دورته الـ29 اليوم، أعرب عن خيبة الأمل الشديدة لـ"عدم تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته الكاملة" لوقف تدهور الأوضاع الإنسانية للشعب السوري، والسماح باستمرار عمليات القتل والتدمير واستخدام البراميل المتفجرة والغازات السامة، مطالبا بضرورة تضافر الجهود الدولية لدعم الحل السياسي ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية لجميع المتضررين من المدنيين،وكذلك دعم الجهود الهادفة لمساعدة وحماية المهجرين واللاجئين السوريين، موضحا أن ما قدمته المملكة بهذا الصدد من مساعدات للشعب السوري بلغ ما قيمته 463 مليون دولار.
وأدانت المملكة في كلمتها استمرار سياسة "التمييز العنصري والتطهير العرقي وانتهاك حقوق الإنسان" بحق المواطنين المسلمين من الروهينجا في ميانمار، مجددة المطالبة بدعوة المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان، بإدانة هذه الأعمال ووقفها والعمل على حلها، مشيرا إلى أن حكومة المملكة أعلنت عن تخصيص خمسين مليون دولار لهذا الغرض تقدم عن طريق منظمة التعاون الإسلامي.
وفيما يتعلق باليمن، أعادت السعودية اعلان في كلمتها دعمها الكامل لما تعتبرها شرعية الرئيس المسقيل منصور هادي ولتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216، وفي الجانب الإنساني فقد خصصت المملكة مبلغ 274 مليون دولار استجابة لنداء الأمم المتحدة لمساعدة الشعب اليمني، في محاولة للتغطية على جرائمها بحق المدنيين اليمنيين والأبرياء، وتم إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بهدف تقديم المساعدات للدول التي تعرضت للكوارث الطبيعية والحروب بعيدا عن الجنس والدين.
وتعتمد السعودية مفهوما صارما وخاصاُ للقوانين الإسلامية، بخلاف باقي المسلمين نتيجة تغلغل الفكر الوهابي المتشدد في أروقة الحكم والقضاء، ولما له من سلطات تتجلى في مؤسسات داخل المملكة، كما لا تتسامح المملكة مع المعارضة السياسية أياً كانت، بل قد توقع أقصى العقوبات على مجرد التعبير عن الرأي، أو إظهار شعائر دينية غير معترف بها في الدولة كالأقلية المسلمة (الشيعة)، في حين يعد السعوديون أكثر شعوب المنطقة نشاطاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وتشن السلطات السعودية حملة على منتقديها على الانترنت، وتضع قوانين صارمة أيضاً لمواجهة هؤلاء الذين يزدادون يوماً بعد يوم.
تصريح المندوب السعودي حول رفض التدخل بشؤون المملكة من ناحية حقوق الإنسان يأتي بعد أسبوع من انتقادات كبيرة وجهت إلى المملكة بعد تأييد المحكمة العليا في السعودية حكما بالجلد 1000 جلدة والسجن عشر سنوات ضد المدون السعودي رائف بدوي، بالرغم من الاستنكار الدولي، حيث كانت السعودية أعربت في مارس/ آذار الماضي عن "دهشتها واستيائها" من الانتقادات الدولية التي وجهت للحكم.
جلد بدوي (الذي يفترض أن يتكرر كل جمعة، وهو يوم الجلد) يثير استنكارا دوليا مستمراً، منذ أن تناقل مغردون على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مقطع فيديو التقطته أحد المتفرجين في الشارع على عملية جلد بدوي بسياط القوات الأمنية، في حين لا يعرف لماذا لم يتعرض بدوي للجلد مرة أخرى، ربما يعود ذلك لتقرير طبي أثبت أن صحته لا تتحمل مثل هذا العقاب.
يذكر أنّ عدد الإعدامات في المملكة وصل اليوم الإثنين منذ بداية هذا العام إلى 100، متخطياً أعداد الأحكام في العام المنصرم، وهو الوجه الأكثر خطورة من وجوه انتهاك حقوق الانسان في المملكة، الأمر الذي لاقى انتقاد منظمات حقوق الإنسان والنشطاء الحقوقيون، ورؤساء دول، كفرنسا التي طالبت منذ أشهر بإلغاء عقوبة الإعدام من الرياض.