السعودية/ نبأ (خاص)- تتواصل التكهنات بخلفيات جولة ولي ولي العهد مقرن بن عبد العزيز على عدد من دول الخليج، وفيما يفضل بعض المراقبين التريث في تخمين نتائج الزيارة وانتظار القمة الخليجية حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، يرجح آخرون أن تكون جولة مقرن توطئة لتصعيد سياسي غير مسبوق قد تعلنه السعودية في مواجهة قطر.
لا ينقطع سيل التحليلات الإعلامية المتمحورة حول أوضاع البيت الخليجي، تحليلات تتفاوت في تقديرها للسيناريوهات المستقبلية إلا أنها تجمع بمجملها على انتهاء الوقت الضائع وحتمية حسم الأمور سواء سلبا أم إيجابا. بالنسبة لبعض المراقبين فإن مصير القمة الخليجية السنوية قد يكون في مهب العواصف في ظل تجاذبات وأهواء تفرق أكثر مما تجمع، ويضيف هؤلاء أن الإعقاب بين لقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز والشيخ تميم بن حمد آل ثاني من جهة وبين زيارة مقرن لكل من الكويت والإمارات والبحرين لا يبدو مجرد صدفة، متسائلين عما إذا اتخذ القرار السعودي بإعادة تنشيط الحركة التضييقية على الشقيق القطري الأصغر.
ويستبعد قسم من المحللين السياسيين أن تكون الحرب على غزة قد شكلت محور اللقاء الملكي الأميري، مرجحين أن تكون المداولات قد اقتصرت على إعراب السعودية عن استيائها من المقترحات القطرية لوقف إطلاق النار والتي ظهرت كأنها معارضة للدور المصري. كما يرجح بعض المراقبين أن تكون قطر المستشعرة عزلة متزايدة من حولها قد وجدت فرصة أمامها لطرق الأبواب السعودية لعل وعسى، مضيفين أن السعودية وغيرها من دول الخليج تشعر بأن قطر لم تتلق خطوة سحب السفراء في مارس الماضي بالجدية المطلوبة.
وينقل عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيرمونت الأميركية غريغوري غوس قوله إن السعوديين يطالبون القطريين بإدخال تغييرات جذرية على سياساتهم الخارجية بشأن القضايا الإقليمية بما في ذلك طريقة تعاملهم مع الوضع الإقليمي وتغطية قناة الجزيرة. كما ينقل عن غوس قوله "إن المطالب السعودية والإماراتية والبحرينية تمثل إحراجا للأمير القطري خصوصا أن والده ما يزال حيا والتقدير الأقوى أن تميم يحاول تجزئة الخلاف على عكس السعوديين المصابين بمزاج صدامي والذين قد يتخذون خطوات إضافية للضغط على قطر".
وفي سياق متصل يؤكد أكاديميون آخرون أن قطر اتبعت سياسة التسويف على أمل كسب الوقت وتغير الأوضاع لمصلحتها، متابعين أنها حاولت كذلك التفريق بين السعودية والإمارات من خلال التقارب السياسي مع الرياض والتصعيد الإعلامي ضد أبو ظبي. ويحتمل هؤلاء مقاطعة سعودية إماراتية بحرينية للقمة المفترض عقدها في الدوحة "وهو ما سيعني فقدان النصاب وإلغاء القمة ولو حدث ذلك فإنها ستكون المرة الأولى منذ ثلاثين سنة ".
يسوق محلّلون احتمالات أربعة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع الخليجية في الفترة القادمة: إما المراوحة، إما التهدئة الشكلية لإنقاذ القمة، إما انفراج مؤقت، وإما تدهور جديد ربما تكون جولة مقرن إيذانا ببدايته. والأسوأ بحسب المراقبين أن يكون تطور الأحداث الخليجية مجرد محطة جديدة في مسارالحسابات الضيقة الممتدة من طهران ودمشق إلى بغداد وصنعاء.
هذه التقديرات والتحليلات تقابلها تصورات أخرى ترجح أن السعودية ستتخذ إجراءات أكثر شدة ضد قطر وتستدل على ذلك بجملة أدلة ومعطيات من بينها: إستثناء الدوحة من جولة مقرن علما أن كل خطوة خليجية لها مقصدها سواء طريقة الإستقبال أو الفريق المرافق أو هوية الأمير المستقبل أو حتى لون العباءة في بعض الأحيان، يضاف إلى ما تقدم التوتر الكبير بين السعودية وقطر وتهجم تركي الفيصل على الدوحة، فضلا عن استمرار إمارة الغاز في دعمها للإخوان المسلمين والعلاقات المتطورة بشكل متسارع بينها وبين إيران وعودة الحرارة إلى اتصالاتها بحزب الله.
وانطلاقا من ذلك كله، يتوقع عدد من المحللين السياسيين تطورات مفاجئة ومهمة على صعيد العلاقات بين قطر والمثلث السعودي الإماراتي البحريني، ويعتبرون أن جولة مقرن استهدفت إبلاغ قادة الخليج بتفاصيل القرارات السعودية التصعيدية المزمع اتخاذها. كما يعتبرون أن السعودية قررت إعلان حرب إعلامية كمقدمة لحرب سياسية على دولة قطر، مضيفين أن تركي الفيصل لا يمكن أن يكتب مقالا يوجه فيه اتهامات خطيرة للدوحة من دون التشاور مع قيادته وفي إطار قطيعة أكبر قد تطرأ على علاقات البلدين.
خارج هذه المعطيات، تُفضِّل الدّوحة أن ترمي بخيوطٍ أخرى تستهدف خلط الأوراق وتخزين الفرصة لإعادة التّموضع في وقت لاحق. فقد نشرت صحيفة "العربي الجديد" اللندنيّة تقريراً أضفى نتائج إيجابيّة على التحركات الخليجيّة الأخيرة، وتحدّث التقرير عن ما أسماه ب"انفراجة" قريبة للخلاف الخليجي، علماً أن المبادرات الكويتيّة على هذا الصّعيد وصلت إلى طريق مسدود في ظلّ تشدُّد الرّياض على شروط المصالحة مع قطر من جهة، والتّسويف القطري من جهةٍ أخرى.