السعودية/ نبأ- قال الكاتب الفلسطيني زكريا محمد، أنه ومنذ اللحظة التي بدأت فيها التصريحات السعودية بالتغير، كان على المرء أن يدرك أن إسرائل (خسرت) الحرب. أو كان عليه أن يدرك أنها لم تربحها، حتى نكون دقيقين، وكي نراعي مشاعر من لا تعجبه فكرة أن إسرائيل (خسرت). فقد انتقلت السعودية من (التجاهل) الرسمي للحرب إلى غزة، لكن مع السماح لتركي الفيصل بتأييد الحرب الإسرائيلية على غزة علنا تقريبا، إلى خطاب الملك عبدالله، المتضامن مع غزة لكن من دون ذكر إسرائيل بالمطلق، إلى تصريحات سعود الفيصل الأخيرة التي أعلن فيها أنه لا يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها لأنها دولة محتلة. وهكذا تغير الموقف بالتدريج، وحبة حبة.
وأضاف أن التدرج في المواقف كان يعكس تدرجا في القناعة بان إسرائيل فشلت. فنتنياهو لم يتمكن من تقديم البضاعة في الموعد المناسب، وبالشكل المناسب. لقد فشل. لذا كان على السعودية ان تغير لهجتها. وقد غيرت، حسب قول الكاتب.
وأكد أنه لا يجب أن يشك أحد بأهمية هذا أبدا. فهو أمر شديد الخطورة. إذ هو يضرب من الجذور فكرة تحالف محور (الملكيات السنية) مع إسرائيل التي جرى الترويج لها بقوة في الفترة الأخيرة، والتي كادت مع تركي الفيصل أن تصبح علنية. فإسرائيل، كما ثبت بالملموس، لا تستطيع أن تنقذ هذا المحور من أزماته. ليس لديها المقدرة على ذلك. فقد دخلت منذ العام 2000 في طور غيابها العسكري. لم تعد قادرة على الانتصار.
ولفت زكريا إلى أنه لا يمكن المراهنة على اسرائيل بعد الآن. من يراهن عليها يخسر. وقد خسر تركي الفيصل الرهان، بالضبط كما خسر سعود الفيصل الرهان عام 2006 في لبنان. الفارق أن سعود الفيصل سكت عام 2014، وترك لشقيقه تركي الفيصل أن يقوم بالمهمة التي قام بها هو عام 2006. وقد فشل الشقيقان. فشل الرهان على إسرائيل. فإسرائيل ليس فقط لم تسلم البضاعة، بل إنها خلقت لمن راهن عليها مشكلة جديدة؛ فقد أدت حربها على غزة إلى إعادة (بعث) الخطر الإخواني الداهم. فالحرب في غزة أدت إلى تقويتهم معنويا، حسب تعبيره.
وأضاف، أن التكتيك الآن، وبعد الفشل الإسرائيلي، يقوم على محاولة عزل حماس عن طريق دولارات إعادة إعمار غزة. أي أن الدولارات ستوضع بين يدي السلطة لرفع وزنها وكبح حماس. وليست عندي مشكلة هنا. مشكلتي كانت في الرهان السعودي على إسرائيل، وفي التحالف معها لضرب غزة ومقاومتها. هذا التحالف سقط وفشل. فهو يسبب مشاكل أكثر مما يحل مشاكل. وإذا انتهينا من هذا، فإن كل شيء يصبح قابلا للتفاهم والمعالجة. فالمهم أن تظل إسرائيل خارج المعادلة.
واختتم الكاتب بالقول، على كل حال، يُتهم حكام السعودية دوما بالهدوء والعقلانية. لكنهم على العكس من ذلك متهورون، ولا يحسبون الأمور بروية ودقة. فقد حسبوها خطأ عام 2006، ثم حسبوها خطأ عام 2014. ومن الجيد أن يبردوا رؤوسهم بعد الآن، كي يتمكنوا من الحكم على الأمور بشكل أفضل.