السعودية / نبأ – في خطوة يراها البعض محاولة لإسكات صوت المحامين عبر ملاحقات قضائية أو ترويعهم وصدهم عن القيام بمهامهم، عبر رفع شكاوى ضدهم، أعلن المحامي د.عبد الرحمن الصبيحي بتوقيفه عن الكاتبة على موقع التواصل (تويتر) وذلك بقرار من المحكمة.
وقال الصبيحي في تغريدته :” بناء على اتصال هاتفي وردني من المحكمة الجزائية المتخصصة بمنعي من التغريد فإني أتوقف حتى إشعار آخر. والله المستعان”.
وعبر البعض عن تضامنه مع المحامي، إذ علقت الروائية العربية أحلام مستغانمي قائلة: “أحد شرفاء الكلمة د عبد الرحمن الصبيحي حقوقي سعودي منح جهده وصوته لنصرة المظلوم ، يحاكم لوطنيته أمروا بإسكات صوته ومنعه من التغريد. نحن صوته”.
وترى بشرى أن المحامي لم يتم توقيفه إلا لأنه قال الحق: “لم يتم توقيف د.عبدالرحمن الصبيحي عن التغريد إلا لانه قال الحقيقة و أوجع وزارة العدل بقول للحقيقة كلنا معه فهو أحد مواطنين الذي آثر الوطنية”.
وقال عبدلله العصيمي أن “الحق أصبح يقود للمحاكمة الدكتور عبدالرحمن الصبيحي منح وقته للدفاع عن الجميع والمطالبة بحقوق المجتمع وإصلاح البيئة العدلية. الجميع صوتك دكتور”.
عن التهديدات التي وصلت للصبيحي عبر معرفات مجهولة في حسابة الشخصي، تساءل المحامي بدر الجعفري قائلًا: “ادخلوا منشن المحامي د. عبدالرحمن الصبيحي سترون العجب .. حسابات مستعارة تهاجمه وتتوعده بالسجن وتشمت به .. من يقف خلفها !”.
وكانت بداية حلقة الملاحقات القضائية لثلاث من المحامين بسبب هشتاق (#العدل_تراقب_تغريدات_المحامين) أطلقه الناشطون في سبتمبر الماضي 2013، ردًّا على تصريح المتحدث الرسمي لوزارة العدل فهد البكران عن مراقبة الوزارة للمحامين.
وأشار البكران أن كل المحامين يخضعون للرقابة على “توجهاتهم وتصرفاتهم”، وقال: “ليس هنالك إدارة أو قسم خاص لمتابعة ومراقبة المحامين، ولكننا نراقب تغريداتهم ونقاشاتهم المتعلقة بقضايا خاصة عندما يخرقون القانون”، وأضاف أن العقوبة تختلف من التوبيخ للتحذير ووصولًا لسحب الرخصة.
وقد كتب المحامي بندر النقيثان سلسلة من التغريدات واصفًا تصريح المتحدث باسم لوزارة بـ (الأحمق)، وأن وزارة العدل أصبحت متخبطة بعد أن طفح كيل الناس بسبب ما يرونه من ضعف الإنجاز على الأرض، على حدّ قوله.
وأضاف أن المحامين الشرفاء لن يبقوا متفرجين أمام أفعال الوزارة والتي وصفها بـ “الخارجة عن النظام” وأنهم مستمرون في كشف التجاوزات، كما قلل النقيثان من شأن التهديدات بحسب تراخيص المحاماة واعتبرها مجرد “تهديدات صبيانية”. (تعليق بندر النقيثان على تصريح المتحدث باسم وزارة العدل).
بعد ذلك رفعت وزارة العدل دعواها إلى اللجنة الابتدائية للنظر في مخالفات النشر الإلكتروني والسمعي والبصري، متهمة ثلاثة محامين بالإساءة لسمعتها من خلال وصفها “بأسوأ وأقبح وزراة في السعودية.. الهياط.. عدم المصداقية بالوعود.. الأخبار السوبرمانية”، المحامون الثلاثة هم:
1- المحامي الدكتور عبدالرحمن الصبيحي – الاستاذ سابقًا بالمعهد العالي للقضاء.
2- المحامي الأستاذ بندر النقيثان – خريج كلية الحقوق بجامعة هارفارد والمحاضر بكلية الحقوق بجامعة دار العلوم سابقًا.
3- المحامي الشيخ عبدالرحمن الرميح – القاضي بالمحكمة العامة بالرياض سابقًا.
وقد حملت لائحة الدعوى المفصلة جملة من التهم؛ إذ اعتبرت وزارة العدل أن قيام المحامين بإعادة نشر تغريدات مغردين آخرين -ريتويت- وإعادة نشر رسومات (كاريكاتير) تسخر من أداء وزارة العدل أمرًا مرفوضًا، فاعتبرت على سبيل المثال إعادة نشر أحد المحامين لرسومات فنان الكاريكاتير السعودي عبد الله جابر هي تهمة للمحامي نفسه وليس للمغرد الأصلي، حيث وصفت الوزارة بأن الرسمة فيها “استهزاء بالقضاة والقضاء”، وقالت العدل: إن تغريدات المحامين مست هيبة القضاء معتبرة أنها “حملة غاشمة”.
ورأت الوزارة في نص دعواها أن إعادة تدوير تغريدات منتقدة لأدائها جريمة تستوجب دفع 500 ألف ريال (133 ألف دولار) وإيقافهم عن الكتابة في الصحف والمشاركة الإعلامية عبر القنوات الفضائية، وفق ما ينص القانون.
ولم يقف الناشطون عند ذلك، بل أطلقوا هشتاقًا آخر باسم (#العدل_تحاكم_المحامين_المغردين)، عبروا فيه عن استغرابهم من خطوة غير مسبوقة كهذه.
حيث كتب الرسام عبد الله جابر: “لأنهم رتوتوا لي!! جد السالفة ما أمزح”.
فيما غرّد عصام الزامل ساخرًا: حوار في زنزانة:
وش تهمتك؟ / – تهريب مخدرات. / وانت؟/ – ريتويت
ورأى خالد المزني أن من حق الناس انتقاد الوزارة وليس السعي لإسكاتها: “وزارة العدل جهة إدارية من حق الناس أن ينتقدوها بعدل.. وواجبها حينئذ الرجوع للحق لا السعي في إسكات الناصح”.
عبدالله العمار يسأل: أين العدل؟ “البلد قاعدة تغرق في السيول ،والعدل قاعدة تحاكم المغردين! أجل من بيحاكم اللي تسببوا في غرق البلد؟ أين العدل؟”.
وكان الباحث عبد الله المالكي قد قال لموقع (لجزيرة نت) في وقت سابق، إن الدعوى “دليل على أن وزارة العدل لم يعد لديها الثقة الذاتية بأدائها وممارساتها الإدارية”.
وأضاف: “كل وزارة لديها متحدث إعلامي رسمي، وإدارة علاقات عامة وإمكانات مادية كبيرة، تستطيع من خلالها أن تتفاعل مع الرأي العام وترد على الانتقادات والمساءلات والمعلومات المغلوطة بحسب اعتقادها، بدون اللجوء إلى سياسة الملاحقات القضائية لمجرد الرأي”.
ورأى المالكي أن وزارة العدل “من أكثر الوزارات استفزازًا للمواطنين بسبب التخلف في تطوير مؤسساتها القضائية والتعطيل والتأخير في مواعيدها والتعثر في أدائها”؛ “فبدل أن تتحمل مسؤولياتها وتنشغل بالإصلاح والتطوير، أخذت تلاحق المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي”.
(نبأ / التقرير: سحر القحطاني/ الجزيرة نت)