السعودية / التقرير – تدريب المعارضة السورية المسلحة هل انتقل من السعودية إلى تركيا؟ أم كلا البلدين سيقومان بتدريب مجموعات من قوى المعارضة السورية المسلحة التي توصف بـ”المعتدلة” -وفقا لتصنيف كل دولة للاعتدال-؟ وهل بدأت السعودية في البرنامج التدريبي ثم لحقت بها تركيا بعد التطورات العسكرية على شريطها الحدودي مع سوريا والقتال الدائر في مدينة “عين العرب – كوباني”؟
العرض التركي.. والخروج من المأزق
التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل، في لقائه مع نظيره التركي عصمت يلمز، أكدت بشكل قاطع ومحدد أن تركيا ستتولى تدريب “المعارضة السورية المعتدلة على أراضيها”، وفقا للبيان الصادر عقب لقاء الوزيرين، وأن “هيغل” وجه الشكر لتركيا على دعمها لجهود التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” وعلى عرض أنقرة استضافة وتدريب المعارضة السورية على أراضيها، وهو الأمر نفسه الذي أكده اللواء البحري جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” في تصريح صحفي. وأكد على العرض التركي استضافة وتدريب المعارضة السورية المسلحة المعتدلة، مشيرا إلى “خبرة تركيا في هذا المجال، والأسلوب المسؤول الذي تتعامل به مع التحديات التي فرضها هذا النزاع على البلاد فيما يتعلق باللاجئين وأمن الحدود”.
وقد اتفق وزيرا الدفاع التركي والأمريكي على مواصلة المباحثات الاستراتيجية الشاملة بخصوص التهديد الذي تشكله “داعش”، وغيرها من المجموعات المتطرفة الأخرى، مشددين على أن “نظام الأسد قد احتضن الأزمة الحالية وقد نزع كل أنواع الشرعية عن نفسه في حكم سوريا من خلال وحشيته”، وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف موافقة تركيا على دعم البرنامج التدريبي وتجهيز المعارضة السورية.
عسكريون أمريكان
ولكن السؤال المطروح حاليا: هل حلت تركيا محل السعودية في تدريب المعارضة السورية المسلحة؟ خاصة أن الأمر من بداية الحرب على “تنظيم الدولة الإسلامية” -طبقا لتصريحات القيادات في السعودية والولايات المتحدة- كان محسوما بأن تقوم السعودية باستضافة 5000 من عناصر المعارضة السورية، ليتم تدريبهم من قبل عسكريين أمريكان، وتأهيليهم على القيام بالعمليات العسكرية والدفع بهم إلى داخل الأراضي السورية، فقد أعلنت واشنطن بعد اجتماع جدة لتنسيق الحرب على “داعش” عن موافقة السعودية على تدريب مقاتلين في المعارضة السورية في معسكرات على أراضيها.
ما بين 8 إلى 12 شهرًا
وأكد الجنرال الأميركي المتقاعد جون آلن المكلف بتنسيق عمليات التحالف وتدريب المعارضة السورية، بدء تحديد مواقع تدريب المعارضة السورية المعتدلة في السعودية، لكنه أشار إلى أن هذه العملية قد تستغرق سنوات. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الأدميرال جون كيربي إن المملكة العربية السعودية تسهم في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” عبر تدريب المعارضة المعتدلة السورية في معسكرات تدريب على أراضيها، مضيفا أن برنامج التدريب، سيبدأ قريبا على أن تمتد مرحلة الإعداد الأولية إلى ما بين ثلاثة وخمسة أشهر، بينما عملية التدريب الفعلية ستستغرق ما بين ثمانية إلى 12 شهرا ليعودوا إلى سوريا للبدء في تنفيذ مهامهم داخل سوريا، وأوضح أن مهامهم ستشمل الدفاع عن المدنيين السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ثم التصدي لهجمات داعش داخل سوريا وهجمات النظام السوري.
5 آلاف مقاتل في السعودية
وكان الرئيس الأمريكي باراك اوباما، أعلن أن عدد أفراد المعارضة السورية المسلحة الذين سيتم تدريبهم سيبلغ نحو 5 آلاف شخص، وذكر المتحدث باسم البنتاجون أن برنامج تسليح المعارضة السورية يتضمن إمدادهم بأسلحة تكتيكية، وأسلحة صغيرة في المرحلة الأولى على أن يتم تزويدهم بأسلحة أكثر تقدمًا، في حالة إثبات قدراتهم في المستقبل، وأن عمليات التدريب ستنصب على إكسابهم القدرات الدفاعية الأساسية. ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين أميركيين قولهم إن السعودية وافقت على استضافة معسكرات تدريب لمقاتلي المعارضة السورية في إطار استراتيجية موسعة للرئيس باراك أوباما لقتال “تنظيم الدولة الإسلامية”.
مكالمة بين أوباما والعاهل السعودي
وقالت “رويترز” في تقريرها إن موافقة السعودية على تدريب المعارضة السورية تعبر عن مدى قلق المملكة من التهديد الذي يمثله تنظيم “داعش” على المنطقة، وقال مسؤول أمريكي كبير للصحفيين: “ما لدينا الآن هو تعهد من المملكة العربية السعودية بأن تكون شريكًا كاملًا معنا في ذلك الجهد بما في ذلك استضافة ذلك البرنامج التدريبي”.
ونقلت CNN أن القرار السعودي جاء بعدما تحدث أوباما هاتفيا امع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقال البيت الأبيض: “اتفق الزعيمان على ضرورة وجود معارضة سورية أكثر قوة للتصدي لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية وأيضا لنظام الأسد الذي فقد كل شرعيته”. ونقل عن مصادر في البيت الأبيض أن إدارة أوباما تريد أن يكون لمقاتلي المعارضة السورية دور في القتال، ضد قوات تنظيم الدولة الإسلامية الأكثر قوة داخل سورية، ولكن رفضَ المسؤولون الأمريكيون تحديد الموقع الذي سيتدرب فيه مقاتلو المعارضة السورية في السعودية، ولكنّ مسؤولا أمريكيا بارزا قال إن التدريب سيتم في “قاعدة عسكرية سعودية سيتم تحديدها”.
تصريحات متناقضة للجيش الحر
وكان الناطق الرسمي باسم الجیش السوري الحر العقید مصطفى الفرحات، أكد وصول الدفعة الأولى من مقاتلي الجیش السوري الحر إلى المملكة العربیة السعودیة، لتلقّي التدریبات العسكریة، بإشراف عدٍد من الضباط السعودیین المتقاعدین من “أصحاب الكفاءة” حسب وصفھم، ولكن في تصریح مناقض له نفى العقید ھیثم عفیسي نائب رئیس ھیئة أركان الجیش السوري الحر ما ترّدد من أخبار حول وصول الدفعة الأولى من مقاتلي المعارضة السوریة إلى السعودیة، لتلقّي التدریبات العسكریة على أیدي ضباط سعودیین، وأشار العفیسي إلى أّن الناطق الرسمي استقى معلوماته من وسائل الإعلام، ولیس ھناك أّي معلومات بخصوص تجھیز وإعداد عناصر من قوات المعارضة، لتدریبھم في إطار الخطة الأمیركیة، القاضیة بتدریب مقاتلین من المعارضة.
السعودية أم داعش؟
علقت سارة ليا واطسون مديرة الشرق الأوسط في منظمة “هيومن رايتس ووتش” لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، في بسلسلة تغريدات عبر حسابها بموقع فيسبوك، انتقدت عبرها الإعلان الأمريكي بالقول: “هل سيشمل التدريب في السعودية أيضا عمليات قطع رأس؟ من الذي قطع رؤوسا أكثر هذا العام؟ السعودية أم داعش؟”؛ في إشارة إلى أحكام الإعدام المطبقة في المملكة. وتابعت “واطسون” بالقول: “هل ستدرب السعودية الثوار في سوريا على القتال لأجل الحرية والديمقراطية أم لأجل محاربة العلويين والشيعة؟ السعودية تدرب المعارضين على الديمقراطية في حين تحكم على سعوديين طالبوا بالأمر نفسه بالسجن لمدى الحياة”.
فهل خطفت تركيا “كعكة “تدريب المعارضة السورية من السعودية، وتحل أزمة محاولة توريطها في تدخل عسكري بري، وضعت الكثير من الشروط من أجل الموافقة عليه؟ أم أرادت أنقرة أن تسحب البساط من تحت أقدام السعودية في كسب ولاءات قوى المعارضة السورية المسلحة وتمنع أي دور للأكراد المعارضين لها؟ أم أن تركيا ستتقاسم الأمر مع السعودية تحت المظلة الأمريكية؟”.