قطر / ذا كونفيرسيشن – خلال زيارته إلى المملكة المتحدة في أكتوبر، كان على أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، القتال من أجل إقناع الحكومة البريطانية، أن قطر تقف بحزم ضد “الدولة الإسلامية”. وعلى الرغم من جهوده، استمرت التقارير الإعلامية عن دعم قطر المزعوم للجماعات الجهادية الخطيرة.
والأسباب واضحة بما فيه الكفاية. في قطر، وجدت وسائل الإعلام العالمية كبش فداء لفشل العالم التام في احتواء نمو “الدولة الإسلامية”. حيث أن هذه الجزيرة، هي نظام ملكي إسلامي، غني بطريقة خرافية، وكثير من مواطنيها لديهم أموال كافية لتوزيعها في مختلف أنحاء المنطقة، على النحو الذي يرونه مناسبًا. ولكن، الادعاء بأن قطر كانت قد دعمت ماليًا “الدولة الإسلامية” أو سابقاتها، لا يقوم على أي دليل ملموس.
تصحيح
في حين أن بعض القطريين الأثرياء مولوا أسلاف “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا؛ إلا أن دولة قطر لم تفعل ذلك. قادتها يعرفون أن “الدولة الإسلامية”، تقف في معارضة صارخة لكل من المصلحة الوطنية لدولة قطر، ولسياستها تجاه سوريا. دعم منظمة جهادية عابرة للحدود الوطنية، أو حتى العالمية، مثل “الدولة الإسلامية”، التي ترفض بعنف الوضع الراهن في الشرق الأوسط، لن يكون سوى انتحار أيدولوجي وعملي.
وقد شاركت قطر في سوريا منذ عام 2011، عندما رفض بشار الأسد الموافقة على اقتراح أميرها السابق بالاستقالة، وفسح المجال للإصلاحات السياسية. ومنذ بداية الأزمة هناك، كانت قطر ترغب في تحقيق التسوية المستدامة في سوريا، من خلال إنشاء نظام سياسي شامل في البلاد، التي حكمت طويلًا بطريقة طائفية.
ودعم قطر للجماعات الإسلامية السورية المعتدلة، مثل تلك التي تم يجمعها لواء الجبهة الإسلامية، كان دائمًا يقوم على نفس البراغماتية، وهي تمويل المجموعات ذات الطموح التنظيمي، ليس فقط للانخراط في القتال ضد قوات النظام بشكل فعال، ولكن أيضًا لتعبئة قاعدة اجتماعية محلية في محاولة لخلق نظام جديد.
وجنبًا إلى جنب مع السياسة الواقعية الرئيسة، التي تهدف لتحويل الثروة المالية إلى نفوذ سياسي، تم توجيه السياسة الخارجية لدولة قطر في سوريا أيضًا بدرجة معقولة من الإيثار. وهذا هو السبب في أنها دعمت الجماعات السورية المحلية، لتصبح قادرة على توفير السلع الأساسية لعامة الشعب السوري. المجموعات التي تدعمها قطر تعتبر معتدلة بما يكفي، حيث تتألف في الغالب من المقاتلين المحليين السوريين، الذين يقاتلون من أجل إقامة نظام عادل في مرحلة سوريا ما بعد الأسد.
“الدولة الإسلامية”، من ناحية أخرى، ليست تعمل لصالح الجماهير، ولا لمساعدة السكان المحليين في تحرير أوطانهم من الظلم. وبدلًا من ذلك، هي مجموعة من المتعصبين، والمرتزقة المتطرفين.
بناء جسر
عند الأخذ بعين الاعتبار أن داعش تلقت دعمًا أيديولوجيًا وماليًا من عدد من المانحين الأفراد في المنطقة، وأنها تواصل تجنيد المقاتلين من جميع أنحاء العالم، وخاصة من الغرب، سوف نجد أن دور قطر في تطور “داعش”، هو ليس دورًا استثنائيًا بأي شكل من الأشكال.
ولا يجب علينا بأي حال من الأحوال، تجاهل الدور الذي لعبه التمويل الخارجي في النمو المذهل لـ “الدولة الإسلامية”. ولكن أيضًا، ومن خلال الاتجار غير المشروع بمنتجات النفط والآثار، فإن “الخلافة” المعلنة يمكنها توليد الملايين من الدولارات يوميًا دون الحاجة إلى الاعتماد على التبرعات غير المشروعة والمتفرقة من الأفراد في قطر أو أي مكان آخر.
وفي نهاية المطاف، هذه المشكلة هي جزء من التحدي الإقليمي الأكبر، وهي أنه لا يمكن أن يكون هناك أمن، حتى تعيش الجماهير المهمشة والمحرومة في سوريا والعراق في دول مستدامة، تقوم على العدالة الاجتماعية. والائتلاف المضاد لداعش، والذي قطر هي جزء منه، سوف يلعب فقط دورًا هامشيًا في دحر هذه “الخلافة”.
قطر تدعم الخطة السعودية الأمريكية، لتدريب وتجهيز قوة قادرة بما فيه الكفاية من أكثر من 10 آلاف من الثوار السوريين، ومشاركتها قد تكون حاسمة لنجاح الخطة. حيث أن الصلات بين دولة قطر والجماعات الإسلامية المعتدلة، قد تساعد في توظيف أعداد كافية من المقاتلين المتمرسين على القتال، وكثير منهم، على الرغم من أنهم من الإسلاميين بالتأكيد، سيرحبون بدولة سورية موحدة وشاملة.
هذه الخطة، لن تعمل إذا ما كانت دول التحالف سوف تستمر في تجاهل الجماعات الإسلامية المعتدلة، التي توحدت تحت راية الجبهة الإسلامية، وقطر هي الجسر للوصول لتلك الجماعات؛ ولذلك، وبدلًا من معاتبة قطر، على الغرب أن يفكر في كيفية الانخراط بشكل بناء معها كشريك محتمل، ليس فقط في مكافحة داعش، ولكن أيضًا في التوصل إلى حل سياسي طويل المدى، لمنطقة الشرق الأوسط ككل.
ترجمة التقرير