السعودية / نبأ – تحدثت صحيفة "فايز نيوز" في تقرير لها عن مدى إمكانية ندم السعودية على عدوانها على اليمن ضمن تحالف عربي أميركي بحجة مواجهة المد الإيراني عبر من تعتبرهم أتباعها في البلاد "أنصار الله"، كما تحدثت الصحيفة عن القمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية ودول الخليج.
وتطرقت الصحيفة إلى إستمرار داعش في التسلل إلى داخل دول الخليج، كما يتمتع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ببعض الراحة المؤقتة، وإعتبرت أنّ "عاصفة الحزم" ستكون إختبار المهارات الدبلوماسية والقتالية ومرونة الملك سلمان، وأكدت الصحيفة أنّ الجيش السعودي لا يتلائم جيدًا مع الحرب التي يخوضها.
إلى التقرير:
شكل بالفعل الملك سلمان بن عبد العزيز، حاكم المملكة العربية السعودية الجديد الذي تسلم السلطة أواخر شهر يناير بعد وفاة الملك عبد الله، تحالفًا يضم مجموعة من الدول التي تنفذ حاليًا عملية عسكرية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن المجاورة. وهذه هي أولى غزوات الملك الجديد للسياسة التدخلية للمملكة العربية السعودية، واعتمادًا على النتائج، قد تكون هذه هي آخر غزواته.
ومن النادر بالنسبة للسعوديين أن يقوموا بقيادة قوة عسكرية خارج حدودهم؛ فقد حدث ذلك من قبل في عام 2009 لمحاربة الحوثيين أيضًا في اليمن. وكما هو الحال الآن، فإن إيران متهمة بدعم التمرد الحوثي، وتعد المملكة العربية السعودية وإيران هما القوى الإقليمية المتنافسة، وبحكم الأمر الواقع، فهما زعماء كل من الطائفة السنية والشيعية في الإسلام.
وفي حين أن معظم سكان الشرق الأوسط خارج إيران هم من السنة؛ إلا أن هناك القليل من الجيوب الشيعية المنتشرة حول الشرق الأوسط، وخاصة في العراق والبحرين واليمن وسوريا ولبنان. وكون تلك الجيوب شيعية لا يعطي ذلك إيران تلقائيًا إمكانية التأثير على السكان، ولكنه يفتح الأبواب لطهران ويجعل من السهل عليهم كثيرًا أن يكتسبوا نفوذًا محليًا. وفي السنوات الأخيرة، أعطى النشاط الإيراني إنذارًا للمملكة العربية السعودية وحلفائها.
ولم يأت الملك سلمان البالغ من العمر 79 عامًا إلى السلطة على وعود الأمل وتغيير المملكة؛ بل لإرساء الاستقرار الذي دام فترة طويلة، ولحكم الشعب أيضًا. وكانت التدخلات الأجنبية قليلة وتحدث على فترات متباعدة، ومما لا شك فيه أنه سوف تتم المقارنة بين الإجراءات التي يتخذها الملك سلمان وتلك التي اتخذها سلفه، والذي كان أيضًا أخاه غير الشقيق.
وفي ظل حكم الملك عبد الله، نشرت المملكة العربية السعودية قواتها للمرة الأولى للقتال خارج حدودها خلال حرب الخليج في عام 1991. بعد ذلك، في نوفمبر عام 2009، امتد القتال بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين عبر الحدود إلى داخل الأراضي السعودية؛ مما أدى إلى توغل سعودي فيما عرف باسم عملية الأرض المحروقة.
وأخبر الدكتور ديفيد أندرو وينبرج، زميل مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، صحيفة فايس نيوز أن أول تدخل سعودي في اليمن كان مكلفًا وغير حاسم، وساهم في سقوط نائب وزير الدفاع السابق خالد بن سلطان. وبحسب الدكتور وينبرج، فقد فشل الجيش السعودي في تحقيق أهدافه في اليمن، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى صعوبة تمييزهم بين الأهداف العسكرية والمدنية في اليمن، وهي مشكلة لازالت قائمة حتى اليوم. وبحسب وكالة رويترز، فقد قتلت غارة جوية حدثت يوم السبت على قرية بقرب العاصمة اليمنية صنعاء عائلة مكونة من تسعة أفراد. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضًا إن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية يحظر شحنات المساعدات الإنسانية والإمدادات إلى اليمن.
وفي الآونة الأخيرة، قام كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة بنشر قوات في البحرين في مارس عام 2011 من أجل قمع احتجاجات ديمقراطية مستوحاة من الربيع العربي ضد النظام الملكي الحاكم في البحرين. وقد واصل المواطنون في البحرين التظاهر ضد القوات السعودية والإماراتية التي لاتزال متمركزة في البحرين، وقد وقعت 47 دولة على قرار مشترك العام الماضي ينتقد سجن البحرين للنشطاء السياسيين.
وكانت الضربات الجوية هي الأولى لكل الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تقريبًا والذي يعد تحالفًا اقتصاديًا في المقام الأول للأنظمة الملكية العربية في شبه الجزيرة العربية. وقد كان الملك سلمان قادرًا على إقناع الشركاء الأجانب للبلاد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمساهمة العسكرية وربما المالية لمحاربة الحوثيين في اليمن، وهو الآن يتحدث عن إنشاء قوة عسكرية دائمة تكون مستعدة للتدخل في الأزمات الكبرى المقبلة.
وهناك سبب واحد أدى إلى إنشاء هذا التحالف بسرعة كبيرة، وهو أن معظم الأنظمة الاستبدادية التي تشارك في التحالف لا تحتاج إلى الانغماس في مناقشات داخلية موسعة بشأن استخدام الجيش. وحتى الآن، لم يغير الملك سلمان إلى حد كبير سياسة بلاده فيما يتعلق بشأن القمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة. ومن منظور عملي، فقد سمح ذلك له بتوطيد سلطته في الداخل، وفي نفس الوقت أعطاه المرونة في اعتماد الحل العسكري بسرعة عندما يراه مناسبًا. وتعمل الديمقرطيات على إبطاء هذا الأمر، حيث يمكن للمجالس التشريعية أن تجهض هذا القرار عندما يكون متعلقًا باستخدام القوة العسكرية.
وقد يكون اللجوء إلى الخيار العسكري للتهرب من المعارضة الداخلية هدفًا مهمًا للملك سلمان. فقد اكتسب الحوثيون الكثير على الأرض في صيف عام 2014، وقد جاء الملك سلمان إلى السلطة في نهاية شهر يناير عام 2015 قبل شهرين من بداية الغارات الجوية في اليمن. وهناك العديد من الآراء المختلفة حول تأخره في اتخاذ أي إجراء؛ حيث يدعي البعض أن المملكة العربية السعودية كانت تركز على السياسة الداخلية بعد مجيء ملك جديد، ويؤكد آخرون أن مسؤولية التعامل مع الملف اليمني مقسمة داخل مؤسسات مختلفة في المملكة العربية السعودية مما يؤخر من عملية صنع القرار، والبعض الآخر يؤكد أن الحكومة السعودية كانت مشغولة في التعامل مع تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية والجماعات المتطرفة الأخرى.
وحتى الآن، فقد وقعت 10 دول للمحاربة مباشرة ضد الحوثيين، بما فيها مصر والأردن والمغرب. وفي القمة المنعقدة نهاية الأسبوع الماضي في مصر، وافقت جامعة الدول العربية التي تضم 22 عضوًا على النظر في إنشاء “قوة عربية عسكرية مشتركة” لمحاربة الجماعات المسلحة وحركات التمرد في الشرق الأوسط.
وسوف تعتمد القوة العسكرية المشتركة على مصر، وقال مسؤولون أمنيون مصريون إنها يمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 40000 جندي للرد السريع، وهو ضعف عدد قوات الرد السريع لحلف الناتو. ولكن، إنشاء قوة عسكرية مشتركة أمر معقد ومكلف، وهذا يعني صعوبة في التعامل مع السياسة الداخلية لجميع الدول المشاركة.
وإذا ما أثبت إنشاء تحالف كبير أنه لا يمكن إدارته، فإنه يمكن تشكيل قوة للرد السريع من الدول الست في مجلس التعاون الخليجي بدلًا من ذلك. ولكن، تبقى تساؤلات حول ما إذا كان هيكل دول مجلس التعاون الخليجي سوف يسمح بتعبئة سريعة ضد التهديدات الخارجية أم لا. وقد أطلق واينبرج على احتمالية وجود قوة قتالية لدول مجلس التعاون الخليجي أنها “شحنة من الهراء”، قائلًا إننا رأينا بالفعل انهيار ائتلاف دول مجلس التعاون الخليجي في الصراع الحالي. حيث قررت سلطنة عمان ألا تشارك في الضربات الجوية ضد الحوثيين مما يبين مدى صعوبة تحالف مجموعة من ست دول فقط متجاورة. كما يمكن للمعارضة الدولية ان تكون مشكلة أيضًا؛ ففي يوم السبت، قدمت روسيا مشروع قرار للأمم المتحدة يدعو إلى وقف الغارات الجوية على اليمن.
وفي الوقت نفسه، تستمر الدولة الإسلامية في التسلل إلى داخل دول الخليج، كما يتمتع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ببعض الراحة المؤقتة؛ حيث يتركز الاهتمام حاليًا على الحوثيين في اليمن. ولكن في وقت لاحق، وبافتراض أن الملك سلمان استطاع إنشاء قوة عسكرية مشتركة، فهل يمكن لهذه القوات في نهاية المطاف أن تعمل ضد جيوب تنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية في ليبيا وسوريا والعراق أو في دول الخليج؟
الوضع المتغير في اليمن سوف يختبر المهارات الدبلوماسية والقتالية ومرونة الملك سلمان. وبالانعكاس على أخطاء سابقيه، سوف يضطر إلى السعي للحفاظ على وتنمية التحالف الحالي المحتشد ضد الحوثيين. وسوف يكون أداؤه خلال الصراع في اليمن مؤشرًا جيدًا على ما إذا كان يمكن لهذه القوة أن تتطور تدريجيًا لتصبح تحالفًا دوليًا دائمًا أم لا.
وللأسف، فإن الجيش السعودي لا يتلائم جيدًا مع حملة مكافحة التمرد خارج البلاد، وبعبارة واينبرج، ربما يجد الملك سلمان محاولته الأولى للتدخل الخارجي “محطمة على الصخور القوية للمناظر الطبيعية في اليمن”.
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها – ترجمة: التقرير