ما زالت السعودية تعمل منذ عقود لسحب إندونيسيا بعيدا عن الإسلام المعتدل، إلى الشكل الوهابي المتقلب الذي ينبع من المملكة، وهو ما تثبته الأحداث الأخيرة في إندونيسيا التي تسلط الضوء على مشروع سعودي أكثر ضراوة من تمويل الإرهابيين.
تقرير: شيرين شكر
قبل بضعة أشهر، ترشح حاكم جاكرتا وهي أكبر مدينة في إندونيسيا، لإعادة انتخابه على الرغم من كونه مسيحيا في بلد مسلم في معظمه، إلا أن الامور اتجهت الى ما هو غير متوقع، وبذريعة تصريحات غير رسمية ادلى بها حول القرآن الكريم، خرجت الجماهير المسلمة غاضبة إلى الشوارع للتنديد به. وفي وقت قصير خسر الانتخابات، وألقي القبض عليه، واتهم بالكفر، وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين.
هذا الحدث كان بمثابة نقطة تحول في اندونيسيا، أكبر دولة مسلمة في العالم، والتي كانت منذ فترة طويلة واحدة من أكثر البلدان تعايشا وتسامحا وانفتاحا في اسلامها، الا ان السقوط المذهل لمحافظ جاكرتا اوضح ان الأصولية آخذة في الارتفاع، وهو ما لم يحدث بشكل طبيعي. بحسب صحيفة بوسطن غلوب الأمريكية.
الصحيفة نشرت مقالا الأحد أشارت فيه الى سعي السعودية لتحويل اندونيسيا الى مركز للوهابية، من خلال مناهج تعليمية مجانية تأتي اليها جميع التعليمات باللغة العربية، بشكل رئيسي من قبل دعاة في السعودية والبلدان المجاورة.
ويأتي العديد من الطلاب من أكثر من 250 مدرسة داخلية وجامع بنتها وتدعمها المملكة في إندونيسيا، موعودين بالسفر الى السعودية لاكمال الدراسة ليعودوا بعدها مستعدين استعدادا كاملا لإثارة الفوضى الاجتماعية والسياسية والدينية في وطنهم بحسب الصحيفة.
الصحيفة اعتبرت أن زيارة الملك سلمان الأخيرة إلى اندونيسيا لمدة 9 أيام أتت في حرص للضغط على مصلحته، حيث وافق السعوديون حينها على السماح لأكثر من 200 ألف إندونيسي للحج كل عام وهو عدد يفوق أعداد الحجاج من أي بلد آخر، كما تمت الموافقة على فتح فروع جديدة لجامعة ليبيا الدينية والمجانية، وهو ما يصعب توقيفه من قبل بعض الإندونيسيين المناهضين للاعتداء السعودي على قيمهم التقليدية، اذ أن الدولة ليست قادرة على توفير بدائل علمانية لائقة.
إن الأصولية المتزايدة التي تحول إندونيسيا تعطي عدة دروس حول طبيعة الحكومة السعودية الملكية المطلقة التي تدعمها واحدة من أكثر الطوائف الدينية الرجعية في العالم، ويعد نجاح المملكة في إعادة تشكيل إندونيسيا دلالة على أهمية المعركة العالمية حول الافكار.